
في بحث حديث نُشرت نتائجه في 21 تشرين الثاني من عام 2020 في المجلة الأمريكية للوراثة البشرية، تمكن مجموعة من العلماء في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس من تحديد اثنين من الجنيات المشاركة في نمو الدماغ والتي قد تكون لها علاقة بتشوه خياري النمط 1 Chiari 1 malformation.
تشوه خياري Chiari malformation هو عبارة عن تشوه خلقي في الدماغ يحدث فيه هبوط بعض أجزاء الدماغ السفلية إلى القناة الشوكية عبر الثقبة القفوية الكبرى الموجودة في أسفل الجمجمة.
وقد تم تصنيفها إلى أربعة أنواع رئيسية وفقاً لدرجة تطورها ومقدار الأجزاء النازلة من الدماغ فيها، ولكن أكثر أنواعها انتشاراً هو النوع الأول، وهو في الوقت نفسه أيسرها وأقلها أعراضاً، حيث تكون غير عرضية بشكل عام وتُكْتشَف صُدفةً عند تصوير الجمجمة والعنق لأسباب أخرى.
وفي بعض الحالات التي تظهر فيها الأعراض على المصابين يكون العمر الوسطي لظهور الأعراض هو 40 سنة والتي قد تكون عبارة عن:
- استسقاء Hydrocephalus في 90% من الحالات وهو عبارة عن تراكم السائل الدماغي النخاعي (السائل الدماغيّ الشوكيّ Cerebrospinal fluid اختصاراً CSF) في البطينات بشكل زائد مما يزيد من حجمها وضغطها على أجزاء الدماغ الأخرى، وسبب حدوثه هو ضغط الأجزاء الهابطة من الدماغ على جذع الدماغ والحبل الشوكي معيقةً بذلك تدفق السائل الدماغي الشوكي.
- كذلك قد يعاني المريض من الصداع وآلام في الرقبة ودوخة وفقدان التوازن وضعف في العضلات وخدر أو وخز في الذراعين أو الساقين ومشاكل في الرؤية والسمع والبلع نتيجة تأذي بعض الأعصاب القحفية.
- وقد يعاني البعض من المصابين من حصول تكهف النخاع Syringomyelia في 40-45% من الحالات.
وإلى الآن لا يوجد علاج لتشوه خياري Chiari malformation سوى التدخل الجراحي الذي يتم اعتماده في حال ظهور الأعراض وتأثيرها على المريض وحياته.
وكان الباحثون قد لاحظوا أن الكثير من الأطفال المصابين بتشوه خياري نمط 1 يكون لديهم في عائلاتهم أفراداً آخرين مصابين بنفس التشوه وهذا ما دفعهم للبحث في احتمالية كون هذا التشوه ذات أساس جيني.
فقام العلماء والقائمون على هذا البحث بترتيب تسلسل جينات 668 شخصاً مصاباً بتشوه خياري النوع 1 بالإضافة إلى جينات 232 شخصاً من أقاربهم والذي كان منهم 76 شخصاً مصاباً بنفس التشوه. فوجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من تشوه خياري النوع 1 يكونون أكثر عرضة بشكل كبير لحمل طفرات وراثية في عائلة من الجينات المعروفة باسم جينات الكرومودومين Chromodomain genes وبشكل خاصة الجينين CHD3 و CHD 4.
وجينات الكرومودومين هي جينات لها وظيفة في التعبير الجيني المناسب والذي له دور بالغ الأهمية لنمو الدماغ الطبيعي، وكان قد تم ربط الاختلافات في جينات الكرومودومين بعدة حالات متعلقة باضطرابات في النمو العصبي كاضطرابات طيف التوحد وتأخر النمو وضخامة الرأس (Macrocephaly) أو صغره (Microcephaly).
وكان مما لاحظه العلماء أيضاً أن هذه الطفرات التي تم اكتشافها كانت معظمها طفرات دي نوفو De novo mutation، أي طفرات ظهرت فجأة في الجنين أثناء نموه دون أن تكون موجودة في أقاربه.
وكشفت الدراسة أيضًا أن الأطفال الذين يعانون من ضخامة الرأس (Macrocephaly) يكونون أكثر عرضة للإصابة بتشوه خياري 1 بأربع مرات مقارنة بأقرانهم الذين لديهم محيط رأس طبيعي.
وهذه الاكتشافات الجديدة قد تساهم في الكشف المبكر عن المصابين بتشوه خياري النمط 1 وبالتالي التمكن من متابعتهم ومعالجتهم إذا ما تطلب الأمر ذلك قبل أن تتطور الحالة وتتسبب في ظهور أعراض خطيرة أو الوفاة. وقد يكون الأطفال المصابين بضخامة الرأس (Macrocephaly) أو المصابين باضطرابات النمو العصبي كاضطرابات طيف التوحد أو تأخر النمو مرشحين مناسبين لإجراء اختبار في الجينات المتعلقة بتشوه خياري النمط 1.
إرسال تعليق