العلاقة بين قلة النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية

الكاتب: اقرأ فكرةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال:العلاقة بين قلة النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية كالسكتة القلبية والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم وغيرها.
العلاقة بين قلة النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية

ليس هناك شخص لا يُدرك أهمية القلب وضرورة بقاءه سليماً من أجل استمرار عمل جميع الأعضاء الأخرى في جسم الإنسان على أكمل وجه، فهو المضخة التي تضخ الدم في جميع أنحاء الجسم وتضمن حصول جميع الأعضاء والأنسجة الأخرى على كمية الأكسجين التي تحتاجها من أجل العمل. 

وتعد أمراض القلب سبباً رئيسياً للوفاة في جميع أنحاء العالم، وفي حين إن معظم الناس تعرف تأثير النظام الغذائي السيء وعدم ممارسة التمارين الرياضية والتدخين وغيرها على صحة القلب، إلا أن أكثرهم يغفل عن تأثير قلة النوم على ذلك، رغم أن العديد من الدراسات والأبحاث أكدت على أن قلة النوم له آثار سلبية كثيرة على صحة القلب.

إحصائيات مرعبة في العلاقة بين النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية

في مراجعة لمجلة القلب الأوروبية عام 2015 شملت 15 دراسة طبية أُجريت على ما يقرُب من 475000 شخص جرى فيها متابعتهم لمدة تتراوح من 7 إلى 25 سنة، تبين أن الأشخاص الذين ينامون لفترات قصيرة تزيد لديهم مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية أو الوفاة بسببها بنسبة 48%، وتزيد لديهم خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الوفاة بسببها بنسبة 15% مقارنة بالأشخاص الذين يحصلون على قدر كافي من النوم.

ونفس المراجعة وجدت أيضاً أن الأشخاص الذين ينامون لفترات طويلة (أي الذين يحصلون على تسع ساعات أو أكثر من النوم في الليلة الواحدة) كذلك تزيد لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية أو الوفاة بسببها بنسبة 38% وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 65%.

وفي دراسة يابانية تم اجراءها على 4000 عامل من الذكور خلال فترة امتدت لأكثر من 40 عام، تبين أن العمال الذين ينامون ست ساعات أو أقل كانوا معرضين أكثر لاحتمال الإصابة بنوبة قلبية واحدة أو أكثر بنسبة 400 إلى 500% مقارنة مع العمال الذين كانوا ينامون أكثر من ست ساعات.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة الكلية الأمريكية لطب القلب تم فيه متابعة 461000 شخص تتراوح أعمارهم بين 40 و 69 عاماً ولم يصابوا بنوبة قلبية سابقة لمدة 7 سنوات، تبين أن الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بنسبة 20%، والذين ناموا أكثر من تسع ساعات كانوا أكثر عرضة بنسبة 34% بالمقارنة مع الأشخاص الذين ناموا ما بين 6 إلى 9 ساعات. 

وفي دراسة أخرى تم فيها متابعة 722 رجل و764 امرأة تتراوح أعمارهم ما بين 53 و93 عام لتحديد العلاقة بين فترة النوم وكل من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون 6 ساعات أو أقل يكون خطر إصابتهم بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم أكبر بالمقارنة مع الأشخاص الذين ينامون 7 ساعات إلى 8 ساعات. وكان خطر الإصابة عالياً أيضاً لدى الأشخاص الذين كانوا ينامون 9 ساعات أو أكثر.

وبعض الدراسات قد اكدت على أن هذا الخطر كله يزداد بشكل خاص في مرحلة منتصف العمر، ففي دراسة استمرت لمدة 8 إلى 10 سنوات تمت فيها متابعة 4810 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 25 إلى 74 سنة لمراقبة العلاقة بين مدة النوم القصيرة وارتفاع ضغط الدم تبين أن خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين ينامون لمدة قصيرة وخاصة خمس ساعات كان أكبر في منتصف العمر أي ما بين 32 إلى 59 سنة.

ودراسات أخرى بينت أن خطر قلة النوم قد يكون أكبر على الأشخاص الذين لديهم بالفعل عوامل خطورة أخرى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فقد وجدت دراسة أجريت عام 2019 نشرت في مجلة جمعية القلب الأمريكية أن الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع 2 ضاعفوا خطر تعرضهم للوفاة المبكرة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية عند نومهم أقل من ست ساعات في الليلة.

ومما يتوجب الإشارة إليه هنا هو أن العلاقة بين قلة النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية هذه كانت تظل قوية في عدد كبير من هذه الدراسات حتى بعد أن تؤخذ في الاعتبار عوامل الخطورة الأخرى، كالتدخين، وقلة النشاط الجسدي، والوزن. 


الآليات التي من الممكن أن يؤثر من خلالها قلة النوم على صحة القلب والأوعية الدموية

لقد تم ربط قلة النوم بعدد كبير من أمراض القلب والأوعية الدموية، وإن لم يتم إثبات العلاقة السببية الأكيدة بين قلة النوم وهذه الأمراض حتى الآن فقد تم تأكيد العلاقة السببية بين قلة النوم وعدد كبير من عوامل الخطر الأساسية المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

الآليات التي من الممكن أن يؤثر من خلالها قلة النوم على صحة القلب والأوعية الدموية

قلة النوم النوم والسمنة

يعد الوزن الزائد أحد أهم عوامل الخطر المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وكذلك ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكولسترول ومرض السكري.

وقد بينت العديد من الدراسات والأبحاث أن الأشخاص الذين ينامون أقل من سبع ساعات في الليلة الواحدة يكونون أكثر عرضة لارتفاع مؤشر كتلة الجسم لديهم وإصابتهم بالسمنة، وذلك من خلال العديد من الآليات والتغييرات التي تُحدثها قلة النوم في وظائف الجسم الفيزيولوجية وسلوك الأشخاص وتصرفاتهم.

فالنوم يساعد على تنظيم الهرمونات التي تتحكم في الجوع والشبع، وقلة النوم واضطراباته تؤثر بشكل سلبي على هذا التنظيم، فتقلل من مستويات هرمون اللبتين، وتزيد من مستويات هرمون الجريلين مما يقلل من شعور الإنسان بالشبع ويزيد من رغبته في تناول المزيد.

وقد وجدت دراسات عديدة أن قلة النوم تزيد الرغبة في تناول الأطعمة بشكل عام، وفي تناول الأطعمة الدهنية والسكرية ذات السعرات الحرارية العالية بشكل خاص، وتجعل الأشخاص أكثر ميلاً إلى تجنب تناول الطعام الصحي كالخضروات والفواكه.

هذا بالإضافة إلى أن قلة النوم في الليل يزيد من النعاس النهاري والإرهاق الذي يؤدي إلى تجنب هؤلاء الأشخاص للحركة وممارسة التمارين الرياضية، وتجعلهم يتكاسلون عن اتباع نظام غذائي صحي يقيهم من الوزن الزائد.


قلة النوم وضعف تحمل الجلوكوز ومقاومة الأنسولين

يعد داء السكري من النوع الثاني أحد عوامل الخطر الهامة الأخرى المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وهو حالة مزمنة ناتجة عن وجود خلل في الجسم يمنعه من استقلاب السكر والتعامل معه بشكل مناسب، مما يؤدي إلى ارتفاع مستواه في الدم، الأمر الذي من الممكن أن يتسبب مع مرور الوقت في تلف الأوعية الدموية والتأثير على صحة الجهاز القلبي الوعائي بشكل سلبي.

وقد تبين أن الأشخاص المصابون بداء السكري يكونون أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية بـ 23 مرة بالمقارنة مع الأشخاص الغير مصابين بها.

وجدت الدراسات والأبحاث أن قلة النوم تؤثر بشكل سلبي على عملية استقلاب الجلوكوز، ويرتبط بمقدمات السكري (وهو ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم ولكن دون ما يكون في داء السكري)، ويُصعِّب السيطرة على مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بداء السكري.

بالإضافة إلى هذا فإن قلة النوم تؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، والذي قد يجعل الأشخاص أكثر عرضة لمقاومة الأنسولين. وكذلك ربطت دراسات حديثة قلة النوم واضطراباته بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، والذي ارتبطت المستويات المنخفضة منه بخطر الإصابة بالسمنة وارتفاع مستويات الأنسولين والجلوكوز في الدم والإصابة بداء السكري.

وكما ذكرنا في الأعلى فإن قلة النوم تؤدي بعدة آليات مختلفة إلى السمنة وزيادة الوزن، وهذا أيضاً يعد عامل خطر هام في مقاومة الأنسولين والإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

وفي دراسة تم فيها متابعة 11 شاب جرى فيها تقييد فترة نومهم بـ 4 ساعات فقط لمدة 6 ليال متتالية، وثم بعد ذلك تم السماح لهم بالبقاء في السرير لمدة 12 ساعة كل ليلة لمدة 6 ليال متتالية أيضاً، فلاحظ الباحثون انخفاض تحمل الجلوكوز (اي ارتفاع مستوياته في الدم) وارتفاع تركيز هرمون الكورتيزول الليلي وكذلك زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي لدى هؤلاء الشباب في الأيام التي كانوا ينامون فيها 4 ساعات فقط بالمقارنة مع أيام الراحة الكاملة. وقد تم اثبات ارتباط قلة النوم بانخفاض تحمل الجلوكوز وزيادة مقاومة الأنسولين في دراسات وأبحاث عديدة أخرى.


قلة النوم وتأثيره على الأوعية الدموية

إن ضمان بقاء الأوعية الدموية مفتوحة وسليمة ومرنة أمر هام جداً من أجل استمرار عمل جميع الأعضاء في جسم الإنسان بشكل سليم وعلى رأسها القلب، الذي يعد العضو الأهم في عملية ضخ الدماء وتوزيع الأكسجين والمواد المغذية على جميع أنحاء الجسم. فتضيق الشرايين المغذية لعضلة القلب وتصلبها يؤدي إلى الإصابة بالذبحة الصدرية والنوبة القلبية والتي تكون قاتلة في الكثير من الأحيان.

وقد ربطت العديد من الدراسات بين قلة النوم وتآكل نسج جدران الأوعية الدموية المجهدة ولا سيما الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب، الأمر الذي يزيد بدوره من خطر تراكم الكوليسترول والشحوم في هذه الأوعية والتسبب في تضيقها وانسدادها وحصول ما يعرف بتصلب الشرايين أو التصلب العصيدي Atherosclerosis. 

وقلة النوم يمكن أن تتسبب في تلف بطانة الأوعية الدموية من خلال تسببها في الإصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم وكذلك زيادة الشهية لتناول الأطعمة الدهنية والسكرية وارتفاع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة LDL، وانخفاض مستويات الكوليتسرول الحميد عالي الكثافة HDL، وهذه كلها تعد من أهم عوامل الخطر لتلف وظيفة بطانة الأوعية الدموية وحدوث التصلب العصيدي.

وبينت بعض الدراسات أن قلة النوم تؤدي إلى حدوث حالة من الالتهاب المزمن في الجسم ولو بمستويات قليلة، والالتهاب المزمن يعد أحد الأسباب الهامة في حدوث تصلب الشرايين وبالتالي تضيقها وعدم تدفق الدم فيها بشكل سليم.

وكذلك تبيَّن أن الأشخاص الذين ينامون لفترات قصيرة يكونون أكثر عرضة للإصابة بتراكمات الكالسيوم في أوعيتهم الدموية مشكلة صفائح صلبة تتسبب في انسدادها ومنع تدفق الدم من خلالها.

فقد درس باحثون من جامعة شيكاغو قرابة 5000 شخص بالغ معافى في أواسط أعمارهم ممن لم تكن لديهم أي تاريخ سابق مع أمراض القلب أو أي أعراض وعلامات للتصلب العصيدي، وقاموا بمتابعة حالة الشرايين التاجية لديهم على مدى عدة سنين مع مراقبة نظام نومهم، فوجدوا أن الأشخاص الذين لم يكن يحصلون إلا على خمس أو ست ساعات من النوم كل ليلة أو أقل، كان احتمال إصابتهم بالتكلس (تراكم الكالسيوم) في شرايينهم التاجية خلال السنوات الخمس قد ازداد بنسبة تتراوح من 200 إلى 300% بالمقارنة مع الأشخاص الذين كانوا ينامون من سبع إلى ثماني ساعات كل ليلة.

كل هذه العوامل مجتمعة تجعل من قلة النوم عامل خطر هام في حدوث تصلب الشرايين، والذي يعد بدوره أحد أهم أسباب النوبات القلبية والسكتات الدماغية.


النوم والجهاز العصبي الودي

وجدت العديد من الدراسات أن قلة النوم تسبب زيادة في نشاط الجهاز العصبي الودي المسؤول عن حالة "قاتل أو اهرب" في الجسم، وهو الجهاز الذي يجعل الجسم في حالة تأهب واستعداد لمهاجمة عدو أو للهرب من خطر موجود، هذه الزيادة في نشاط الجهاز العصبي الودي تُبقي الجسم في حالة مستمرة من القلق والتوتر الفيزيولوجي مسببةً العديد من المشاكل والأمراض.

فهذا النشاط الزائد في عمل هذا الجهاز يزيد من عدد ضربات القلب، وهذا بدوره يزيد من المعدل الحجمي للدم الذي يضخه القلب في الأوعية الدموية مؤدياً إلى حدوث حالة ارتفاع في ضغط الدم.

وكذلك يسبب نشاط الجهاز العصبي الودي زيادة في هرمون التوتر المعروف باسم الكورتيزل، وهذا الهرمون يسبب تقبضاً وتضيقاً في الأوعية الدموية مما يزيد من شدة ارتفاع ضغط الدم.

وارتفاع ضغط الدم كما ذكرنا في الأعلى يعد عامل الخطر الأساسي في أمراض القلب والأوعية الدموية كفشل القلب والنوبة القلبية والسكتة الدماغية.

كما أن ارتفاع ضغط الدم يلحق الضرر بشكل مباشر بجدران الأوعية الدموية، ويؤدي إلى سهولة تراكم الكولسترول والشحوم فيها فتتسبب في تضيقها ومنع تدفق الدم فيها.


قلة النوم وآليات تصليح وتجديد خلايا الأوعية الدموية

قلة النوم لا تؤثر على الجهاز القلبي الوعائي بإلحاق الضرر بالأوعية الدموية وبطانتها والتسبب في تصلبها وتضيقها فقط، بل يتعدى الأمر إلى أنها تمنع الجسم من تصليح وتجديد الضرر الذي قام به.

فهرمون النمو والذي يعد عاملاً هاماً لإصلاح التلف في الأوعية وتجديد بطانتها، يشهد إفرازه زيادة كبيرة أثناء الليل وخلال النوم، وقلة النوم يؤثر سلباً على ذلك، ويمنع إفراز هذا الهرمون بكميات كافية، وبالتالي تتسبب في استمرار عملية التلف والدمار في بطانة الأوعية الدموية وزيادة خطر حدوث التصلب العصيدي.

وقد بينت دراسة بحثية أن عدم الحصول على القدر الكافي من النوم يؤثر بشكل سلبي على مستويات المنظِّمات الفيزيولوجية أو ما يعرف باسم الميكرو رنا microRNAs، والتي هي أحماض نووية ريبوزية RNA قصيرة غير مرمزة للبروتينات، وتلعب دوراً هاماً جداً في الحفاظ على حياة الخلايا وصحتها وتنظيم التعبير الجيني فيها ومنها خلايا بطانة الأوعية الدموية. 

حيث أن هذه الجزيئات الصغيرة لها دور فعال في سلامة خلايا الأوعية الدموية، وتقوم بتثبيط التعبير الجيني لبروتينات التهابية تلحق الضرر بهذه الخلايا وتمنع تلفها.


مرحلة نوم حركة العين غير السريعة ودورها في صحة القلب

يُقسَّم النوم فيزيولوجياً إلى مرحلتين أساسيتين هما مرحلة نوم حركة العين غير السريعة Non-rapid eye movement sleep (NREM) ومرحلة نوم حركة العين السريعة Rapid eye movement sleep (REM). حيث تتعاقب هاتان المرحلتان خلال الليل بشكل مستمر على شكل دورات تستمر كل منها 90 دقيقة.

يمكنكم الاطلاع على تفاصيل مراحل النوم وأطواره من خلال مقال: فيزيولوجيا النوم ومراحله

يقضي الإنسان 80% من نومه في مرحلة حركة العين غير السريعة NREM، وهي مرحلة هامة جداً لصحة الجهاز القلبي الوعائي، ففيه يتباطأ معدل التنفس وضربات القلب، وينخفض كذلك ضغط الدم بمعدل 10-20%.

كل هذه التغيرات التي تتم في مرحلة نوم حركة العين غير السريعة، ولا سيما تلك المتعلقة بالجهاز القلبي الوعائي، لها دور هام في صحة هذا الجهاز وسلامته، حيث أنها توفر الفرصة اللازمة للقلب ليستريح من إجهاد العمل الذي يقوم به أثناء ساعات الاستيقاظ والعمل.

وبالتالي فإن الشخص الذي يعاني من مشاكل في النوم أو من قلة النوم لن يقضي الوقت الكافي في هذه المرحلة، وبالتالي لن يحصل جسمه على الفرصة الكافية لخفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتنفس، مما سيؤثر بشكل سلبي على صحة القلب وقدرته على القيام بعمله بفاعلية.


ليلة واحدة من النوم السيء تكفي

ومما يجدر الإشارة إليه في النهاية هو أن الإنسان ليس بحاجة إلى أن يُحرم من النوم لفترات طويلة حتى يلحق الضرر بالجهاز القلبي الوعائي الخاص به، وإنما وجدت العديد من التجارب والدراسات أن فقدان ساعات قليلة من النوم فقط لليلة واحدة قادر على إلحاق الضرر ولو بمستويات قليلة بالجهاز القلبي الوعائي.

ففي دراسة تم فيها متابعة 20 شخص من أخصائي الأشعة متوسط أعمارهم 31.6 سنة، أظهر المشاركون بعد يوم عمل دام 24 ساعة دون نوم ارتفاع كبير في ضغط الدم وزيادة في معدل ضربات القلب، بالإضافة إلى زيادات كبيرة في مستويات هرمونات الغدة الدرقية TSH و T3 و T4 وكذلك هرمون الكورتيزول.


الجانب الإيجابي من الموضوع

كل ماذكرناه في الأعلى يبين لنا الآثار السلبية الكثيرة لقلة النوم واضطراباتها على صحة الجهاز القلبي الوعائي، ولكن بالنظر إلى جانب آخر من الموضوع سنجد أن هناك بعض الإيجابية التي قد تدفعنا أكثر إلى محاولة التمسك بنظام صحي وسليم لنومنا.

ففي بحث جديد نُشِرَ في مجلة جمعية القلب الأمريكية American Heart Association تم فيه دراسة العلاقة بين أنماط النوم الصحية وفشل القلب بمتابعة 408802 شخص تتراوح أعمارهم ما بين 37 إلى 73 سنة لمدة 10 سنوات، تبين أن الأشخاص البالغين الذين يتمتعون بأنماط نوم أكثر صحية (تشمل الاستيقاظ في الصباح الباكر، والنوم لمدة تتراوح ما بين 7 إلى 8 ساعات، وعدم المعاناة من الأرق أي الصعوبة في دخول النوم أو الاستمرار فيه، وعدم الشخير، وعدم الشعور بالنعاس في النهار) يكونون أقل عرضة لخطر الإصابة بفشل القلب بنسبة 42% بغض النظر عن عوامل الخطر الأخرى مقارنة مع البالغين الذين يتمتعون بأنماط نوم غير صحية.

وكذلك وفقاً لبحث نُشرَ في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب Journal of the American College of Cardiology فإنّ النوم لمدة كافية يوازن خطر الإصابة بالنوبة القلبية لدى أولئك الأشخاص المعرضين وراثياً للإصابة به.

هذا يعد أمراً هاماً جداً في سبيل الوقاية من السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال الحصول على نوم صحي جيد كل ليلة.


الخلاصة  

إذا كان السبب الذي يمنعكم من الحصول على القدر الكافي من النوم هو رغبتكم في استغلال الساعات الإضافية في العمل والإنجاز فيجب عليكم أن تعيدوا التفكير في الأمر بعد أن تعرفتم على مخاطر قلة النوم على صحة القلب والجسم بشكل عام، أما إذا كنتم ممن يعانون من مشاكل واضطرابات في النوم أو أمراض صحية أخرى تعيق نومكم بشكل جيد ولفترة كافية فعليكم بالإسراع إلى مراجعة الأطباء للتمكن من التغلب على تلك المشاكل.

كل ما ذكرناه هنا في هذا المقال وفي مقالات أخرى مثل النوم يعزز من صحة جهاز المناعة ويساعد على الوقاية من العدوى وما هو دَيْن النوم؟ وهل يمكن تعويضه في أيام العطل ونهاية الأسبوع؟ تبين لنا أهمية الحرص في الحصول على عدد الساعات الكافية من النوم كل ليلة لنتمكن من الاستمتاع بصحة عقلية وجسدية ونفسية.

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

437731609850946060

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث