ما هو دَيْن النوم؟ وهل يمكن تعويض في أيام العطل ونهاية الأسبوع؟

الكاتب: اقرأ فكرةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال:ما هو دين النوم؟ وهل يمكن أن الإنسان أن يعوض ساعات النوم المفقودة في أيام العطل ونهاية الأسبوع؟

بسبب طبيعة الحياة السريعة والمادية التي نعيشها اليوم، كثير منّا بات لا يحصل على القدر الكافي من النوم خلال أيام العمل، ولذلك عندما تحل عطلة نهاية الأسبوع، ينام معظمنا لساعات أطول من المعتاد، في محاولة لتعويض كل تلك الساعات الضائعة من النوم.

الحالة التي نكون فيها خلال أيام العمل تسمى بـ "دين النوم"، والحالة التي نصير عليها في أيام العطلات تسمى بـ "سداد دين النوم". 

فما هو دين النوم؟

وهل حقّاً يمكن أن نعوض ساعات النوم التي فقدناها خلال أيام العمل في عطلة نهاية الأسبوع؟

أم أنه للخبراء والدراسات رأي آخر؟

هذا ما سنعرفه معاً في هذه المقالة عن دين النوم وتعويضه في أيام عطلة نهاية الأسبوع، من اقرأ فكرة للثقافة الصحية الموثوقة والميسرة.

هل يمكن تعويض النوم في عطلة نهاية الأسبوع؟

الحصول على عدد ساعات كافية أمر ضروري

إن الحصول على عدد ساعات كافية من النوم أمر ضروري جداً لصحة الجسم، وسلامة العقل، وطمأنينة النفس، وهو لا يعتبر رفاهية يمكن الاستغناء عنها إذا شئنا.

فالنوم لمدة كافية تشكل أحد أساسيات الحياة الصحية مع الغذاء الصحي المتوازن، والتمارين الرياضية.

وتوصي معظم المؤسسات الطبية والعلمية، بما فيها المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم، ومركز السيطرة على الأمراض CDC، بضرورة حصول الأشخاص البالغين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-64 سنة، على 7-9 ساعات من النوم كل ليلة حسب حاجتهم. 

ويمكنك معرفة عدد ساعات النوم التي تحتاج إليها كل ليلة بشكل أدق من خلال قراءة مقال: عدد ساعات النوم الصحي و الطبيعي للإنسان حسب العمر.

ولكن كثيراً ما نتغافل عن هذا الأمر، وعن أهمية النوم على صحتنا وجوانب حياتنا المختلفة عند انغماسنا في العمل، وغَرَقِنا في أحداث الحياة السريعة المليئة بالملهيات والمشتتات، فنقضي أوقاتاً كثيرة في العمل وغيرها على حساب نومنا مُقْنعِين أنفسنا بتعويضه في أيام العطل ونهاية الأسبوع.

قلة النوم مضرة بالصحة الجسمية والعقلية

 إن قلة النوم باستمرار تؤثر سلباً على صحة الإنسان الجسمية والعقلية، حيث أفادت العديد من الدراسات أن قلة النوم ترتبط بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وتزيد من خطر الوفاة المبكرة.

كما أشار تحليل تلوي آخر، إلى أن قلة النوم يمكن أن تزيد من مستويات الالتهاب الجهازي في الجسم، وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى حدوث العديد من الأمراض والمشاكل الصحية، مثل متلازمة التمثيل الغذائي.

وقد كانت إحدى الأوراق البحثية التي نُشرت عام 2022 في مجلة Clocks & Sleep قد أشارت إلى أن قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالعدوى، وتقلل من استجابة الجسم للتطعيم، مما يقلل من فوائده.

ويمكنك الاطلاع على المزيد من التفاصيل بخصوص العلاقة بين النوم والمناعة من خلال قراءة مقال: النوم يعزز من صحة جهاز المناعة ويساعد على الوقاية من العدوى.

كما أن قلة النوم ترتبط بآثار سلبية على صحة الإنسان العقلية والنفسية أيضاً.

كل هذه الدراسات والأبحاث تؤكد على أهمية حصول الإنسان على عدد ساعات كافية من النوم الجيد كل ليلة. 

ومما يجدر الإشارة إليه أن بعض العلماء والباحثون يؤكدون أنه حتى مجرد فقدان عدة دقائق من النوم عن حاجة الإنسان اليومية قد تتضخم بمرور الزمن بشكل تراكمي وتؤثر بشكل تدريجي بالسلب على صحة الإنسان وجوانب حياته المختلفة.

دين النوم وسداد دين النوم

هناك مصطلح في علم النوم يُعرف بـ "دين النوم"، وهو عبارة عن عدد ساعات النوم التي حُرِمَ الجسم منها والتي يقوم بتعويضها في أقرب فرصة تتُاح له، وهذا ما يُعرف بـ "سداد دين النوم"، وهو أمر قد يحدث حتى دون إرادة مباشرة من الإنسان نفسه، فبمجرد أن يتوفر الوقت الكافي يقوم الجسم بطلب المزيد من النوم الذي حُرِّم منه في الأيام الماضية.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تعويض ساعات النوم التي يتم فقدها يجنّب الإنسان التأثيرات السلبية لقلة النوم؟ هل يتمكن الإنسان من أن يحظى بنفس الصحة والنشاط والقدرات المعرفية للأشخاص الذين ناموا بمقدار كافي وبكفاءة عالية خلال جميع أيام الأسبوع؟

هل يمكن لسداد دين النوم أن يكون كافياً لحمايتنا من الأضرار طويلة الأمد الناتجة عن قلة النوم؟

دراسات تؤكد على وجود فائدة لتعويض النوم في عطلة نهاية الأسبوع

 أشارت دراسة نُشرت نتائجها عام 2018 في مجلة أبحاث النوم، إلى إمكانية تعويض بعض الآثار السلبية لقلة النوم في أيام العمل عن طريق الحصول على نوم إضافي خلال عطلات نهاية الأسبوع.

تابعت هذه الدراسة أكثر من 43000 شخص بالغ في السويد، ولمدة 13 عاماً، وقد قارنت معدلات الوفيات في تلك الفترة الزمنية مع عادات النوم التي أبلغ عنها المشاركون ذاتياً.

فوجد الباحثون أن البالغين الذي تقل أعمارهم عن 65 عاماً، والذين كانوا ينامون خمس ساعات أو أقل باستمرار كانوا أكثر عرضة للوفاة مبكراً بنسبة 65% مقارنة بأولئك البالغين الذين ينامون ست إلى سبع ساعات في المتوسط كل ليلة.

ولاحظوا أيضاً، أن أولئك الأشخاص الذين أبلغوا عن أنهم ينامون ساعات قليلة خلال أيام العمل، ويحصلون على ساعات إضافية من النوم خلال أيام عطلة الأسبوع، كانوا محميين نوعاً ما بالمقارنة مع أولئك كانوا يحصلون على نوم قليل باستمرار حتى في نهاية الأسبوع.

حيث لم يكن لدى أولئك الذين كانوا يعوّضون الساعات التي فقدوها من النوم أي خطر متزايد للوفاة المبكرة مقارنة بأولئك الذين كانوا يحصلون باستمرار على ست إلى سبع ساعات.

ومما يجدر الإشارة إليه إن هذه الدراسة كانت قد ربطت النوم لثماني ساعات أو أكثر أيضاً بزيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة 25%، مما قد يشير إلى العلاقة بين النوم وبعض الأضرار طويلة الأمد قد تكون على شكل حرف U، أي أن قلة النوم وكذلك كثرتها قد تكون مضرة بالصحة.

ثم تلاحقت المزيد من الدراسات والأبحاث منذ ذلك الحين لدعم الفوائد المحتملة لتعويض النوم في عطلة نهاية الأسبوع، حيث اقترحت دراسة نُشرت نتائجها عام 2022 في مجلة Annal of Hepatology، أن تعويض النوم في عطلة نهاية الأسبوع كان مرتبطاً بتخفيف خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي.

حيث كانت بعض الدراسات قد ربطت بين قلة النوم، واضطرابات النوم المختلفة مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي، والأرق وغيرها بمشاكل الكبد وأمراضه.

كما وجدت دراسة أخرى أجريت عام 2021، ونُشرت نتائجها في مجلة Sleeep Medicine أن تعويض النوم في بعض الأيام ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.

بالإضافة إلى هذه الدراسات، كانت دراسة سابقة أخرى، نُشرت نتائجها عام 2020 في مجلة Neurological sciences، قد أشارت إلى أن النوم التعويضي في عطلة نهاية الأسبوع ارتبط بمشاكل أقل في عمليات التمثيل الغذائي (عمليات الأيض والاستقلاب)، وبالتالي خطر أقل للإصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم.

ولكن هذا لا يعني أن النوم في نهاية الأسبوع يمكن أن يعوض جميع الخسائر

نجد إن عدد لا بأس به من الدراسات قد اقترحت بعض الفوائد المحتملة لتعويض بعض ساعات النوم المفقودة خلال أيام العمل، ولكن لم يتم تأكيد وإثبات أي من هذه الفوائد، وذلك يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.

وما أثبتته هذه الدراسات والأبحاث، لا تعني بأي شكل من الأشكال بأن النوم في نهاية الأسبوع يمكن أن يعوض جميع الخسائر والأضرار التي قد تسببها قلة النوم خلال أيام الأسبوع الأخرى.

حيث يعتقد الخبراء أن النوم في نهاية الأسبوع قد يساعد على تعويض بعض الخسائر، إلا أنها لن تستطيع أن تمنع على سبيل المثال آثار قلة النوم التي قد تحصل بعد يومين أو ثلاثة منه، وذلك فقدان القدرة على التركيز، وحصول مشاكل في الذاكرة والتعلم.

من يمكنه أن يستفيد أكثر من النوم في عطلة نهاية الأسبوع؟

للإجابة على هذا السؤال بشكل أكثر دقة، يجب علينا أن نُفرّق بين فئتين أساسيتين من الأشخاص الذين يحتاجون إلى تعويض النوم، لو جمعنا بينهما ستكون الإجابة بالتأكيد غير صحيحة.

المجموعة الأولى، هي مجموعة تنام بشكل منتظم، وتحصل على عدد ساعات نوم كافية في معظم الأيام، إلا أنها قد تضطر في بعض الأيام لأن تنام لوقت أقصر، فتحتاج إلى تعويضها في الليالي التالية,

والمجموعة الثانية، هي مجموعة تنام بشكل مستمر لمدة قليلة، وتحاول أن تقنع نفسها بإمكانية تعويضها في عطلة نهاية الأسبوع، وغيرها من العطل.

فأفراد المجموعة الأولى، يمكنهم أن يستفيدوا من النوم في عطلة نهاية الأسبوع إذا ما اضطروا للاقتطاع من نومهم في أحد الأيام.

وسداد دين النوم هذا سينفعهم (ولو لم يكن بمقدار نومهم بشكل كافٍ كل ليلة بليلتها) وسيعكس بعض الآثار السلبية لقلة النوم عليهم، وسيساعد أجسامهم على العودة إلى حالتها الطبيعية، ويساهم في تحسن قدراتهم المعرفية وحالتهم الصحية والمزاجية.

أما أفراد المجموعة الثانية فهؤلاء يعانون مما يسمى بـ قلة النوم المزمن، لأن الحالة الدائمة لديهم في الغالب هو النوم لأوقات غير كافية، وبالتالي سيعانون من الآثار السلبية والنتائج الضارة لقلة النوم على أجسامهم وجوانب حياتهم المختلفة، وتعويض النوم في أيام العطل وإن كان يمكن أن يحسن من بعض آثار وأضرار قلة النوم (كما ذكرنا في لأعلى)، إلى أنه بشكل عام لن يكفي للتغلب على جميع الخسائر والمشاكل الناتجة عنه.

فقد بينت بعض الدراسات والأبحاث أنه حتى ولو قام الجسم بتعويض ساعات النوم التي فقدها في نهاية الأسبوع، إلا أنه لن يستطيع الحصول على كل الفوائد التي كان من الممكن الحصول عليها لو نام تلك الساعات في وقتها المناسب، وكذلك لن يتمكن من أن يتجنب جميع الأضرار التي نتجت عن خسارته لتلك الساعات.

مشاكل النوم لساعات طويلة في عطلة نهاية الأسبوع

بالإضافة إلى هذا فإن النوم كثيراً في أيام العطل بالمقارنة مع أيام العمل يمكن أن يتسبب في حصول اضطرابات في دورة النوم، وإيقاع الساعة البيولوجية لدى الإنسان، الأمر الذي يمكن أن ينعكس بالسلب على القدرة على النوم بشكل مناسب في أيام العمل، وبالتالي التسبب في زيادة الآثار السلبية والخطيرة على صحة الإنسان.

وارتبطت المستويات الشديدة من اضطرابات الساعة البيولوجية، واختلال دورة النوم واليقظة لدى الإنسان بارتفاع معدلات السمنة، والالتهاب، والتدخين، كما ارتبطت أيضاً بزيادة مخاطر الإصابة بالاكتئاب.

كما أن الدراسات والأبحاث تؤكد على أن النوم الطويل كذلك يمكنه أن يضر بالصحة، فالنوم لأكثر من ثماني أو تسع ساعات في الليلة الواحدة أيضاً ارتبط بنتائج صحية سيئة، بما في ذلك، زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وفشل القلب والوفاة، وذلك حسب بحث نُشرت نتائجه عام 2019 في مجلة القلب الأوروبية. 

كما قد تطرقنا في منشور سابق على اقرأ فكرة إلى دراسة كانت قد أشارت إلى أن كثرة النوم قد تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والوفاة بسببها.

الخلاصة من اقرأ فكرة

 في النهاية نجد أنه لا توجد أي دلائل كافية على أن النوم لساعات طويلة في عطلة نهاية الأسبوع يمكن أن تعوض بشكل كامل ما فقده الإنسان من فوائد، وما لحقت به من أضرار بسبب قلة النوم خلال أيام العمل.

ولأجل هذا من المستحسن أن يحاول الإنسان الحصول على عدد ساعات كافية من النوم كل ليلة بليلتها، ولا ينزلق إلى ما يسمى بـ دين النوم.

وبالنسبة للأشخاص الذين يضطرون في بعض الأيام للنوم عدد ساعات أقل يمكنهم أن يقوموا بتعويض ذلك من خلال قيلولة قصيرة في منتصف اليوم، أو بالنوم لمدة أكثر بقليل في ليلة أو ليلتين لاحقتين من خلال الذهاب إلى النوم أبكر قليلاً بشكل لا يخل بنظام الجسم ودورة النوم واليقظة لديهم. 

أما بالنسبة لمن يعانون من نقص مزمن ومستمر من النوم، فعليهم القيام بتغيرات جذرية وطويلة الأمد على نمط حياتهم ليتمكنوا من المحافظة على صحتهم، والوقاية من الآثار السلبية الكثيرة لقلة النوم.

وعلى كل حال فتعويض بعض الساعات من النوم في نهاية الأسبوع أفضل من عدمه، ولكن بشرط عدم التمادي في النوم لساعات طويلة جداً، وبالالتزام بالذهاب للنوم في الوقت المحدد المعتاد وعدم السهر لساعات متأخرة. 

ويمكنكم الاستفادة من مقال: نصائح وإرشادات لنوم صحي ومريح أيضاً، للاطلاع على بعض النصائح والتوصيات التي قد تساعدك في الحصول على نوم صحي.

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

437731609850946060

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث