
النوم يعد أحد العناصر الضرورية الثلاثة من أجل الحياة الصحية إلى جانب التغذية السليمة والنشاط البدني (الرياضة)، وهو لا يقل أهمية عن أيٍّ منهما، إن لم يكن أهم منهما.
فالشخص منّا يقضي ما يقارب ثلث يومه وبالتالي ثلث عمره في النوم، وقد أثبت العلماء والباحثون التأثير الكبير والإيجابي للنوم الكافي والجيد على حياة الإنسان بجوانبها المختلفة، كصحته الجسمية، وسلامته النفسية، وقدراته العقلية، واتزانه العاطفي، وانتاجيته في العمل.
إلا أنه في يومنا هذا يعاني بعض الناس من مشاكل بالغة في الحصول على المقدار الكافي من النوم الجيد، وذلك لكثرة المشتتات وصعوبات الحياة التي ازدادت مقارنةً بالعقود والقرون السابقة.
حيث بات كل شيءٍ حولنا يتحرك ويتقدم بسرعة جنونية تدفعنا كذلك إلى الجري والركض وراء المجهول، جاعلةً الواحد منّا لا يجد الوقت الكافي ليضع رأسه على الوسادة، وحتى الذين يجدون الوقت لذلك فإن توترات العمل وقلق المهام المنتظرة واللهاث وراء الرغبات الدنيوية الفانية تجعلهم لا يحظون بنوم مريح ومفيد.
ولا شك في أن هناك العديد من العوامل التي لا يمكن السيطرة عليها والتحكم بها والتي تؤثر على مقدار النوم وجودته مثل مسؤوليات المنزل والعائلة، وتوتر العمل ومشاكله، والحالة الصحية والمصائب الأخرى، إلا أنه بجانب هذه العوامل هنالك العديد من الأمور الأخرى الواقعة تحت تصرفنا وسيطرتنا، والتي يمكننا من خلال تعديلها وتغييرها بما يتوافق مع التوجيهات الصحية التي يُنصَح بها أن نحظى بليلة نوم رائعة.
وهنا سنحاول أن نقدم لكم بعض النصائح والتوجيهات التي أثبتت الأبحاث والتجارب صحتها وقدرتها على تحسين جودة النوم ومقدار المنافع المتحصلة منها.
أولى الخطوات: إعطاء النوم الأهمية التي يستحقها
إنّ أول خطوة في تحسين جودة النوم والحصول على القدر الكافي منه هو إعطاءه الأهمية والأولوية التي يستحقها، وذلك لأن النوم لا يقل أهميةً عن أي عمل آخر يمكن أن يعتبره الإنسان مهماً، هذا إن لم يكن يزيد كل الأعمال أهميةَ، وذلك لأن كل عمل يحتاج لإنجازه إلى جسم صحي وعقل سليم ونفسية هادئة، وهذا بالطبع لا يمكن أن يتأتى إلا بنوم صحي وكافي.
ولإعطاء النوم الأهمية التي يستحقها، يحتاج الإنسان أن يُدرك أهميته وأضرار عدم الحصول على القدر الكافي منه، ولأجل ذلك يمكنكم قراءة جميع المقالات التي نكتبها باستمرار بخصوص فوائد النوم، وأضرار الحرمان منه بالضغط هنا.
الالتزام بجدول مواعيد نوم محدد وثابت
إن العمليات الفيزيولوجية والتفاعلات الاستقلابية والنشاطات المختلفة الأخرى التي تحصل في جسم الإنسان تتم وفق معايير دقيقة وبرامج ثابتة ومجدولة بشكل لا يمكن أن يتصوره العقل وهي تتم وفق ما تُعرف بالساعة البيولوجية.
هذه الساعة البيولوجية مبرمجة بشكل دقيق جداً وتعمل في تناغم وتوافق وتوازن مع الساعة الكونية، فهما من خلق الله سبحانه وتعالى ولا ينفكان عن بعضهما البعض أبداً.
والإنسان الذي يحيا متوافقاً مع ساعته البيولوجية ومتكيفاً مع الساعة الكونية (من حيث مواعيد شروق الشمس وغروبها وغيرها) يعيش حياة صحية وسليمة، أما الإنسان الذي يعارض ساعته البيولوجية، ويُحدث بأسلوب حياته خللاً فيها، يعيش حياةً مضطربة لا تخلو من المشاكل النفسية والصحية.
هذه الساعة الفيزيولوجية تدفع الجسم إلى إفراز بعض الهرمونات والمركبات في أوقات معينة من النوم وتمنع افرازها في أوقات أخرى، ومن هذه الهرمونات الهامة التي تؤثر على عملية النوم واليقظة لدى الإنسان هرمون الميلاتونين، الذي يبدأ الجسم بإفرازه مع بداية الليل حيث يكون الموعد المناسب لنوم الإنسان ويقل إفرازه تدريجياً حتى حلول النهار، حيث يتم إفراز هرمونات أخرى تساعد على اليقظة وتحفز النشاط كالكورتيزول.
وبناءً على هذا ينصح الباحثون بأن يتقيد الإنسان في كل أيامه دون استثناء (حتى أيام العطل والمناسبات) بمواعيد نوم واستيقاظ ثابتة ومحددة لا يخلّ بها، لكي يسمح لجسده بالتكيف معها، فمن المستحيل أن يعتاد الجسم على روتين نوم صحي إذا ما كان الإنسان ينام ويستيقظ في مواعيد وأوقات مختلفة.
ويُفضّل أن تكون هذه المواعيد متوافقة مع متطلبات الساعة البيولوجية والكونية بحيث تساعده على النوم بشكل أفضل. كأن ينام مع بداية الليل (أي بعد صلاة العشاء أو قبل منتصف الليل)، وأن يستيقظ مع بداية النهار (مع صلاة الفجر).
وينصح الباحثون بضرورة عدم إحداث تغييرات كبيرة في تلك المواعيد حتى في أيام العطل والمناسبات، وبأن لا يتجاوز التغيير في جدول مواعيد النوم الثابتة ساعة واحدة على الأكثر (عند الضرورة).
يُوصي الباحثون أيضاً بضبط جدول النوم وتغييره تدريجياً، فالشخص المتعود على النوم في أوقات متأخرة من الليل عليه أن يجري التعديلات على برنامجه شيئاً فشيئاً وكحد أقصى من ساعة إلى ساعتين في الليلة الواحدة حتى يتيح لجسمه التعود على التغييرات ويكون بإمكانه الالتزام بهذا الجدول بشكل أفضل وأكثر استدامة.
الانتباه للأكل والشرب
إن العادات الغذائية بشكل عام وما يتم استهلاكه خلال اليوم كله مجتمعة تؤثر على صحة الإنسان وجودة نومه، وليس فقط تناول مواد غذائية معينة قبل وقت النوم هو الذي يفعل ذلك، وهنا مجموعة من القواعد التي من شأنها أن تُجنِّب المتقيد بها المشاكل والاضطرابات الناتجة عن عادات الأكل والشرب السيئة:
- يُنْصَح دائماً باتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه والدهون الصحية، وبالتقليل قدر الإمكان من اللحوم الحمراء، وكذلك السكريات والكربوهيدرات المكررة كالخبز الأبيض والأرز الأبيض والمعكرونة.
- يجب تجنب تناول وجبات ثقيلة ودسمة قبل وقت النوم بساعتين أو ثلاثة على الأقل، فتناول الطعام كثيراً واستهلاك وجبات ثقيلة في وقت متأخر من الليل يؤثر بشكل سلبي على جودة النوم وعلى الإفراز الطبيعي للهرمونات المؤثرة على عملية النوم واليقظة كهرمون النمو والميلاتونين.
- يُنْصَح بعدم استهلاك منبهات حاوية على الكافيين (كالقهوة والشاي) والنيكوتين (كالدخان) قبل وقت النوم بساعتين على الأقل. ففي إحدى الدراسات أدى تناول الكافيين قبل النوم ب 6 ساعات إلى تدهور نوعية النوم وجودته بشكل ملحوظ في المشاركين. حيث أنه يمكن للكافيين أن يبقى مرتفعاً في الدم لمدة 6 إلى 8 ساعات بعد استهلاكه، لذلك لا ينصح بشرب كميات عالية من القهوة وغيرها من المشروبات الكافيينية بعد الساعة 3 أو 4 مساءً ولا سيما إذا كان الشخص حساساً وسريع التأثير بالكافيين أو كان يعاني من مشاكل في النوم.
- كما ينصح الباحثون بالامتناع عن شرب الكحول المحرمة، لأنها وعلى عكس ما يعتقده بعض الناس تؤثر بشكل سلبي على جودة النوم، ويسبب أو يزيد من أعراض توقف التنفس والشخير وأنماط النوم المضطربة. ويؤثر كذلك على انتاج الميلاتونين وهرمون النمو البشري، واللذان يلعبان دوراً هاماً جداً في إيقاع الساعة البيولوجية.
وهذا كله لا يعني أبداً الذهاب إلى السرير ببطن خاوي وجائع، وإنما ينصح بتناول وجبة خفيفة قبل النوم كالفواكه مثلاً. وهذا قد يساعد على النوم بشكل أسرع أيضاً لأن الجوع كذلك يؤثر سلباً على النوم وجودته.
خلق روتين مناسب لفترة ما قبل النوم
الشخص الذي يعاني من صعوبة في النوم ومن رداءة جودة النوم قد يعتقد إن المشكلة إنما تبدأ عندما يستلقي على السرير، ويغفل الأثر الكبير الذي يمكن أن يُحدثه الروتين الذي يتقيد به خلال الفترة التي تسبق موعد النوم.
هذه الفترة السابقة للنوم قد تلعب دوراً كبيراً في المساعدة على النوم بسرعة وفي الحصول على نوم صحي وسليم ذو فوائد عديدة إذا ما أحسن الإنسان استغلالها والتحكم بها. وهنا بعض الخطوات العملية التي يمكنك اتباعها من أجل خلق روتين مناسب لفترة ما قبل النوم:
- تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية المختلفة قبل وقت النوم بمدة محددة للسماح للجسم بتحضير نفسه والدخول في وضعية الاسترخاء والراحة بإفراز الهرمونات اللازمة لذلك.
- القيام ببعض الممارسات التي تساعد الجسم على الاسترخاء كالصلاة والذكر وقراءة كتاب، أو حتى اخذ حمام دافئ أو التأمل في الطبيعة والتخيل، فهذه الممارسات من شأنها تحسين جودة النوم بشكل كبير.
- يعد الاستحمام الدافئ في المساء (قبل موعد النوم) طريقة شائعة ومنصوحة بها من قبل العلماء والباحثين من أجل مساعدة الجسم على الاسترخاء وتهيئته للنوم، وتشير الدراسات إلى أنها يمكن أن تساعد في تحسين جودة النوم بشكل عام ومساعدة الأشخاص - وخاصة كبار السن - على النوم بشكل أسرع. وفي دراسة أخرى أدى أخذ حمام دافئ قبل النوم بـ 90 دقيقة إلى تحسين جودة النوم ومساعدة الأشخاص على قضاء مدة أطول في مرحلة النوم العميق.
- الابتعاد عن القيام بأعمال شاقة ومجهدة للدماغ والبدن قبل وقت النوم بفترة محددة، وتصفية الذهن من الأفكار الكثيرة والمعقدة.
- تقليل شرب السوائل قبل وقت النوم بساعتين على الأقل بما في ذلك الماء لتجنب الاستيقاظ ليلاً من أجل التبول. (بعض الأشخاص قد يكونون أكثر حساسية من غيرهم في هذا، لذلك عليهم تقليل ذلك لتجنب الاستيقاظ كثيراً في الليل). وهذا التقليل يجب ألا يكون على حساب حاجة الإنسان اليومية من الماء والتي يجب تعويضها والحصول عليها في الأوقات الأخرى.
- استخدام الحمام مباشرة قبل النوم كذلك من شأنه أن يقلل من فرص الاستيقاظ أثناء النوم.
- تخصيص ملابس محددة لوقت النوم، ومحاولة عدم ارتداء تلك الملابس سوى عند اقتراب موعد النوم قد يؤثر بشكل إيجابي على عملية النوم.
الاهتمام بغرفة النوم وجعلها مناسبة ومريحة للنوم
إن بيئة غرفة النوم وأجواءها تؤثر بشكل كبير على طبيعة النوم وجودته، لذلك ينصح الباحثون بالاهتمام بها كثيراً، وبخلق جو مناسب ومريح فيها يضمن الولوج في النوم سريعاً ويساعد في الحصول على نوم صحي ومريح. وهنا بعض النصائح لتحقيق ذلك:
- الاهتمام بنظافة الغرفة ورائحتها.
- جعل الغرفة مظلمة قدر الإمكان، وتقليل الأضواء الخارجية والاصطناعية فيها، فالتعرض للضوء قد يُصعِّب النوم ويسبب الازعاج. ويمكن التخلص من الأضواء الخارجة عن السيطرة باستخدام ستائر معتمة أو حتى باستخدام أقنعة العين المخصصة للنوم.
- ترتيب أثاث الغرفة بشكل مريح وبسيط يساعد على الحركة بسهولة وبشكل لا يسبب الضجر وضيق التنفس.
- الحصول على سرير ومرتبة ووسادة مريحة، فجودة هذه الأمور تؤثر بشكل كبير على جودة النوم، وتؤثر أيضاً على صحة الجسم وآلام العضلات والظهر والكتف، ففي دراسة ركزت على فوائد الفراش الجديد وذو الجودة المقبولة كشف الباحثون أنه يقلل من آلام الظهر بنسبة 57٪، وآلام الكتف بنسبة 60٪، وتيبس الظهر بنسبة 59٪، كما أنه يحسن جودة النوم بنسبة 60٪. ودراسات أخرى كذلك أكدت أنها تعزز من صحة النوم وجودته. وينصح المختصون بضرورة تغيير الفراش كل 5 – 8 سنوات على الأقل.
- ضبط درجة حرارة الغرفة بشكل يساعد على الدخول في النوم والحصول على نوم ذو جودة عالية، فدرجات الحرارة العالية أو المنخفضة قد تصعّب من فرصة الحصول على نوم جيد، وهي قد تكون أكثر أهمية من العديد من العوامل الأخرى كالضوضاء وغيرها، ورغم أن درجة الحرارة المناسبة قد تعتمد بشكل كبير على طبيعة الأشخاص إلا أن الباحثون ينصحون بـ 20 درجة مئوية (70 درجة فهرنهايت) كدرجة حرارة مناسبة ومريحة لأغلب الناس.
- تهوية الغرفة بشكل مناسب ومستمر.
- تقليل الضوضاء الخارجية (كحركة المرور أو أصوات الجيران) بإحكام إغلاق النوافذ والأبواب، أما ما لا يمكن منعه بهذا الشكل يمكن تجنبه باستخدام سدادات الأذن أو حتى بتشغيل ضوضاء بيضاء تسيطر على الأصوات الأخرى كتشغيل مروحة أو أجهزة مخصصة لذلك.
- جعل غرفة النوم وخاصةً سرير النوم مخصصين للنوم فقط، الأمر الذي سيجعل دماغ الإنسان يربط بين النوم وغرفة النوم، وهذا سيسمح للجسم بأن يتكيف مع هذا الوضع ويدخل في حالة النوم والاسترخاء بشكل أسرع. ولذلك يجب تجنب القيام بمهمات العمل ومشاهدة التلفاز واستخدام الأجهزة الإلكترونية في غرفة النوم، ويُفَضَل كذلك تجنب النقاش الحاد والجدال فيه.
الحذر من عادات القيلولة الخاطئة
إن أخذ قيلولة قصيرة في أثناء اليوم قد يساعد على تجديد الطاقة وزيادة النشاط والقدرة على التركيز إلا أن القيلولة الطويلة والغير منتظمة قد تؤثر سلباً على الصحة وعلى القدرة على النوم وجودته في الليل، لذلك ينصح دائماً بألّا تزيد قيلولة النهار عن 30 دقيقة وبأن تكون في وقت مبكر من بعد الظهر للحصول على فوائدها وتجنب أضرارها قدر الإمكان.
وفي إحدى الدراسات التي تابعت عادة القيلولة لدى بعض الأشخاص وتأثيرها عليهم وعلى حياتهم، توصل الباحثون إلى أنَّ قيلولة النهار قد تتسبب بعد مدة بزيادة الشعور بالنعاس نهاراً.
فنجد إن القيلولة وتأثيرها على النوم وجودته يعتمد بشكل كبير على الشخص وطبيعته، ففي حين إن بعض الأشخاص لا يتمكنون من النوم ليلاً عند حصولهم على قيلولة نهارية، فإنه البعض الآخر قد ينام بشكل أفضل عند فعل ذلك، لذلك يجب على كل شخص أن يكون هو طبيب نفسه في هذه الحالة ويراقب تأثير القيلولة على نومه ويقرر بناءً على ذلك الأنفع والأفضل بالنسبة له (بشرط أن تكون القيلولة في وقت مبكر بعد الظهر ولا تتجاوز الثلاثين دقيقة كما ذكرنا سابقاً).
ممارسة الرياضة
إن الحركة والنشاط أثناء النهار وممارسة التمارين الرياضية هي من أفضل الطرق المدعومة والمثبتة علمياً لتحسين جودة النوم والولوج فيه بشكل أسرع، إلى جانب فوائدها الصحية الكثيرة. فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام ينامون بشكل أفضل في الليل ويشعرون بنعاس أقل أثناء النهار.
كما تحسن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أعراض الأرق وانقطاع النفس أثناء النوم، وتزيد من مقدار الوقت الذي يقضيه الإنسان في مراحل النوم العميقة.
ولكن وعلى الرغم من أن ممارسة التمارين الرياضية اليومية هي مفتاح مهم من أجل الحصول على النوم الجيد ليلاً، فإن القيام بها في وقت متأخر من اليوم قد يسبب مشاكل في النوم، وذلك لأنها تؤدي إلى تسريع عمليات التمثيل الغذائي وترفع درجة حرارة الجسم وتنشط بعض هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، وهذه الأمور وإن لم تكن تؤدي إلى أي مشكلة في النهار أو بعض الظهر أو حتى وقت مبكر من المساء، فإنها قد تتسبب في مشاكل في النوم إذا حصلت في وقت متأخر من اليوم.
لذلك ينصح الباحثون بالامتناع عن ممارسة أي تمارين ونشاطات رياضية متوسطة الشدة إلى شديدة قبل موعد النوم بثلاث ساعات على الأقل، والشخص الذي لا يزال يعاني من مشاكل في النوم ربما يجب عليه أن يمتنع عن ذلك قبل مدة أطول.
ويُعتقَد أن بعض التمارين الخفيفة كتمارين التمدد في المساء قد تساعد على النوم بشكل أفضل.
التعرض لضوء الشمس أثناء النهار
إن الساعة البيولوجية الموجودة في أجسامنا على توافق وتكامل مع الساعة الكونية التي أجرى الله سبحانه وتعالى بها المظاهر الطبيعية كشروق الشمس وغروبه وغيرها. وكلما كانت سلوكيات الإنسان وتصرفاته تسمح لساعته البيولوجية بالانسجام والتوافق مع الساعة الكونية من حوله كلما كان الإنسان في حالة صحية أفضل ومزاج أحسن.
ومن الأمور التي يجب الالتزام بها في هذه الخصوص التعرض لأشعة الشمس الطبيعية أثناء النهار، وخاصة في أوقات الصباح الباكرة، حيث يساعد ذلك في الحفاظ على صحة إيقاع ساعة الإنسان البيولوجية وتنظيم دورة النوم واليقظة.
ولأجل تحقيق هذا يمكن على سبيل المثال تناول وجبة الإفطار في الشرفة أو أمام نافذة مشمسة، وفتح كل النوافذ سواء في المنزل أو العمل للسماح بدخول أكبر كمية ممكن من أشعة الشمس إلى المكان.
ففي دراسة أجريت على الأشخاص الذين يعانون من الأرق، أدى التعرض للضوء الساطع أثناء النهار إلى تحسين جودة النوم ومدته كما أنه قلل من الوقت المستغرق للدخول في النوم.
وكذلك في دراسة مماثلة أجريت على كبار السن وجد الباحثون أن التعرض للضوء الساطع أثناء النهار لمدة ساعتين زاد من مقدار النوم لمدة ساعتين ومن كفاءة النوم بنسبة 80%.
تقليل التعرض للضوء الأزرق في المساء
إذا كان التعرض للضوء الساطع خلال النهار مفيداً ومهماً لصحة الجسم وجودة النوم فإن التعرض للضوء في الليل له تأثير سلبي على ذلك. وذلك لأنه يؤثر على الساعة البيولوجية الخاصة بالإنسان، ويجعلها غير منسجمة مع الساعة الكونية والتي باتت في وقت الظلام، فالتعرض للضوء في الليل يجعل الدماغ يعتقد وكأنه لازال في النهار مما يقلل من افراز بعض الهرمونات الضرورية للنوم (وخاصة النوم العميق) والاسترخاء في هذا الوقت مثل الميلاتونين.
والضوء الأزرق المنبعث بشكل خاص وبكميات كبيرة من شاشات الأجهزة الإلكترونية كالحواسيب والهواتف الذكية أكثر ضرراً على الصحة وجودة النوم من غيرها.
وهناك مجموعة من التوجيهات التي يمكن اتباعها من اجل تقليل التعرض للضوء الأزرق الضار في الليل، مثل:
- ارتداء نظارات مفلترة تحجب الضوء الأزرق من المرور
- تنزيل برامج وتطبيقات تمنع أو تقلل من الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الحواسيب والهواتف الذكية.
- تجنب مشاهدة التلفاز واستخدام الأجهزة الإلكترونية الأخرى قبل النوم بساعتين على الأقل.
- اطفاء معظم المصابيح والأضواء الساطعة قبل النوم بساعتين على الأقل
- إبقاء الأضواء منخفضة عند الاستيقاظ ليلاً، ويمكن تثبيت ضوء خافت ليلي في الصالة أو الحمام لتسهيل الحركة في ذلك الوقت.
التخلص من القلق والعصف الذهني
بمجرد أن يضع ا لإنسان رأسه على الوسادة لينام تبدأ الأفكار والتخيلات تهجم عليه وتأخذه شرقاً وغرباً مانعةً إياه من الاسترخاء والدخول في النوم.
لذلك فإن اكتساب عادة كتابة اليوميات قد تكون مفيدة في مثل هذه الحالة، حيث تسمح للشخص بكتابة كل ما يجول في خاطره ويشغل باله، وبالتالي تساعده على تصفية ذهنه وتفريغه مما يشغله ويمنعه من الاسترخاء والراحة.
أما بخصوص الأفكار التي تعصف بالدماغ بمجرد وضع الرأس على الوسادة فيُنصح بتدوينها على ورقة تكون موجودة بجانب السرير لإيهام الدماغ بأنه قد تم الاهتمام بها وتقييدها من أجل التركيز عليها والتفكير بها لاحقاً.
كما أنه يجب التركيز على عدم السماح لمشاعر القلق والتوتر أن تسيطر على النفس عند عدم التمكن من النوم مباشرة، وكذلك محاولة عدم النظر إلى الساعة بين الفينة والفينة لأن هذه الأمور من شأنها أن تزيد الأمر سوءاً وتصعِّبَ النوم على الإنسان أكثر وأكثر.
لا تنسى أذكار النوم
فبعد السعي والأخذ بالأسباب يأتي دور التوكل على مسبب الأسباب، والذي بيده الأمر كله، فلا يجب أبداً أن تُنسينا الأسباب المادية ومحاولة تعديلها وتصحيحها، الأسباب الدينية والروحية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها وسنها لنا نبينا الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فلا يجب أبداً نسيان أذكار النوم لكل من يرغب في أن ينام نومةً هنيئةً مريحةً.
نصائح أخرى
- بعض الأشخاص الذين يستسيغون الروائح يمكنهم الاستعانة ببعض الروائح الخفيفة التي يجدونها مهدئة من أجل مساعدتهم على النوم بسهولة.
- عند الشعور بالنعاس قبل موعد النوم المحدد، يفضل القيام بعمل بسيط ومعتدل من شأنه أن يُلهي عن النوم حتى يحين موعده، كقراءة كتاب، أو القيام بعمل منزلي بسيط أو حتى تحضير الملابس والمستلزمات الضرورية ليوم الغد.
- عند عدم التمكن من النوم خلال 20 دقيقة يُنصح بترك السرير وغرفة النوم والقيام بعمل غير مجهد كالصلاة والذكر وقراءة القرآن أو حتى قراءة أي كتاب، والعودة إلى غرفة النوم بمجرد الشعور بالتعب والنعاس مجدداً.
- يجب معرفة إن بعض هذه النصائح والتوصيات قد تصلح لبعض الأشخاص دون آخرين، لذلك يُنصح بمحاولة تجربة الطرق والإرشادات المختلفة المذكورة هنا حتى يتمكن الشخص من اكتشاف ما يناسبه ويلائمه منها.
- يجب التحلي بالصبر والمثابرة والإصرار عند محاولة تنفيذ هذه التوصيات وإجراء التغييرات في جدول مواعيد النوم والعادات الأخرى، فبعضها قد يتطلب ظهور نتائجها وتأثيرها على حياة الشخص بعض الوقت.
الخطوة الأخيرة
فبعد كل ما ذكرناه في الأعلى إذا ما زال الشخص غير قادراً على النوم رغم تطبيقه لكل النصائح والتوصيات وتجربته لها، فهنا لا بدّ له من مراجعة طبيب مختص ليكشف عليه، ويحاول أن يجد السبب في عدم قدرته على النوم.
فبعض الأمراض والحالات الصحية قد يكون لها دور كبير في هذه المشكلة، والتي لن يكون بالإمكان التخلص منها بدون حل ومعالجة تلك الأمراض المسؤولة عنها، ولعل من أشهرها وأكثرها شيوعاً انقطاع النفس النومي، والذي يسبب إزعاجاً واضطراباً في التنفس حيث يجعله متقطعاً وغير منتظماً.
مصدر الصورة: Data illustrations by Storyset
إرسال تعليق