
يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلِي
ويقول عليه الصلاة والسلام أيضاً:
من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدنيا، نفَّسَ الله عنه كُرْبَةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومن يسَّرَ على مُعْسِرٍ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
في هذين الحديثين الشريفين يحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تقديم العون والمساعدة للمحيطين بنا، ليس فقط الأهل والأقرباء والأصدقاء، وإنما لكل مسلم محتاج، وهذا الأمر كما بينه صلى الله عليه وسلم يعود بالنفع علينا كما يعود بالنفع على من نقدم العون لهم، وهذا النفع لا يقتصر فقط على الآخرة، وإنما يكون له أثره على حياة الإنسان في هذه الدنيا أيضاً.
فالعلاقات الاجتماعية الجيدة تعد إحدى العوامل الهامة جداً لصحة الإنسان البدنية والعقلية، وقد ربطت العديد من الأبحاث والدراسات العلمية العزلة الاجتماعية وقلة العلاقات الفعالة بالكثير من الأمراض والمشاكل الصحية، بل وحتى باحتمالية الوفاة المبكرة.
وقد أشارت دراسة جديدة قام بها باحثون من جامعة ولاية أوهايو The Ohio State University إلى أن الاستعداد لتقديم الدعم الاجتماعي لأفراد الأسرة والأصدقاء قد يكون له دور هام جداً في تقليل مستويات الوسائط والعوامل الالتهابية في جسم الإنسان، الأمر الذي يساعد في البقاء بعيداً عن الكثير من الأمراض والآفات المزمنة.
فالالتهاب المزمن في جسم الإنسان له تأثير سلبي كبير على صحته، ويتسبب في حدوث العديد من الأمراض الخطيرة له كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والتهابات المفاصل والعظام وغيرها.
وقد تم البحث بدراسة بيانات 1054 مشارك تتراوح أعمارهم بين 34 و84 سنة، حيث قام المشاركون بالإجابة على استبيانات تمت تقديمها لهم من قبل الباحثين، تلقي الضوء على حالتهم الاجتماعية ومدى اندماجهم في محيطهم الاجتماعي ومشاركتهم في الفعاليات والأنشطة الاجتماعية.
كما أجاب المشاركون على أسئلة تحدد مدى ثقتهم بأفراد اسرتهم وأصدقائهم والمحيطين بهم من حيث قدرتهم على تقديم المساعدة اللازمة لهم عند الحاجة وكذلك مدى قدرتهم هم أنفسهم على تقديم العون والدعم لمن حولهم.
وبعد عامين من إجابتهم على الاستبيانات قام الباحثون بإجراء اختبارات دم للمشاركين تقيس مستويات الإنترلوكين 6 (IL-6) لديهم، والذي يعد ارتفاع مستوياته في الدم علامة على وجود التهاب جهازي مزمن في جسم الإنسان.
فلاحظ الباحثون بعد أخذ عوامل الخطر الأخرى المتوقعة لرفع مستويات الالتهاب في الجسم كالعمر والدخل ومستوى التعليم والسلوكيات الصحية وتعاطي الأدوية والأمراض الصحية بعين الاعتبار إن مستويات هذا الوسيط الالتهابي كانت أقل لدى الأشخاص الذي حددوا في استبياناتهم بأنهم مستعدين لتقديم الدعم والمساعدة للأشخاص المحيطين بهم.
هذه الدراسة جرت بالاعتماد فقط على اعتقاد الأشخاص المشاركين فيما يخص بتصوراتهم حول قدرتهم على مساعدة الآخرين وتقديم الدعم لهم، فكيف بالأمر إذا ما كان يَصْدُقهُ الفعل، فلا شكّ أن الأكثر أهمية من سعينا لجمع أشخاص جيدين ومهتمين ومستعدين لتقديم العون والدعم اللازم لنا عند الحاجة هو قدرتنا نحن أنفسنا على تقديم الدعم والعون اللازم لهم.
يمكنكم الاطلاع على تفاصيل الدراسة من هنا
مصدر الصورة: People illustrations by Storyset
إرسال تعليق