
توصلت دراسة جديدة قائمة على مبدأ التحليل التلوي إلى أن النساء اللواتي رضعن رضاعة طبيعية في وقت ما من حياتهن كنَّ أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بالمقارنةً مع النساء اللائي لم يرضعن رضاعة طبيعية أبداً.
ووجدت هذه الدراسة والتي نُشرَت نتائجها في مجلة جمعية القلب الأمريكية American Heart Association (JAHA) أن الرضاعة الطبيعية كانت مرتبطة أيضاً بانخفاض خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
والتحليل التلوي هو نوع من التحاليل والدراسات الإحصائية والذي يتضمن تطبيق الطرق والأساليب الإحصائية المختلقة على نتائج عدة دراسات وأبحاث سابقة قد تكون متوافقة أو متضادة وذلك من أجل إيجاد علاقة مشتركة ممكنة فيما بينها، وإضفاء قيمة إحصائية لهذه النتيجة الجديدة.
وقد راجع الباحثون المشرفون على هذه الدراسة التلوية بيانات عائدة لثماني دراسات سابقة أُجريت بين عامي 1986 و 2009 في كل من أستراليا والصين والنرويج واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأخرى متعددة الجنسيات.
وتمت دراسة ومراجعة السجلات والبيانات الصحية لما يقرب من 1.2 مليون امرأة، والتي شملت معلومات مثل: المدة التي رضعت فيها النساء رضاعة طبيعية خلال حياتهن، وعدد المواليد، والعمر عند الولادة الأولى، وما إذا كنّ النساء قد أصبن بنوبة قلبية أو سكتة دماغية في وقت لاحق في حياتهن أو لا.
ووجدت المراجعة بأن النساء اللواتي أبلغن عن الرضاعة الطبيعية خلال حياتهن (82% من النساء المشاركات) انخفض لديهن خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 11% مقارنةً مع النساء اللواتي لم يرضعن أبداً.
وعلى مدى فترة متابعة متوسطها 10 سنوات، كانت النساء اللائي يرضعن رضاعة طبيعية في وقت ما من حياتهن أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب التاجية coronary heart disease بنسبة 14%، وأقل عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية strokes بنسبة 12%، وأقل عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 17%.
وذكر الباحثون عدة نظريات قد تؤثر خلالها الرضاعة الطبيعية على صحة الأم وتقلل من خطر إصابتها بأمراض القلب والأوعية الدموية، كالدور الذي قد تلعبه بعض الهرمونات التي تنشُط أثناء الرضاعة الطبيعية كالبرولاكتين والأوكسيتوسين في خفض ضغط الدم، وتوسيع الأوعية الدموية، وتقليل نسبة الدهون، وتأثيراتها المضادة للأكسدة والمثبطة للالتهاب. وكذلك تسهيل الرضاعة الطبيعية لفقدان الوزن بشكل أسرع بعد الولادة، ومشاركتها في إعادة ضبط عمليات التمثيل الغذائي في جسم الأم، بالإضافة إلى ارتباط الرضاعة الطبيعية بتقليل خطر الإصابة بتكلس الأبهر وتكلس الشريان التاجي.
ويعتقد الباحثون إن كل هذه النظريات وغيرها مما نعرفه ونجهله قد تكون مهمة في توضيح كيفية خفض الرضاعة الطبيعية لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد ركّزت العديد من الدراسات السابقة أيضاً على فوائد الرضاعة الطبيعية وأهميتها لصحة الأم، وتوصلت بعضها إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وكذلك من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان كسرطان المبيض وسرطان الثدي. كما أننا كنا قد نشرنا سابقاً نتائج لدراسة توصلت إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تقلل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة (ويمكنكم الوصول لهذه الدراسة من هنا).
والرضاعة الطبيعية لها من الفوائد على صحة الطفل والأم ما لا يمكن إحصائه، فهي معجزة بكل معنى الكلمة ونعمة من نِعَم الله سبحانه وتعالى، وهذه الدراسات وغيرها مما سيأتي توضح في كل مرة مدى ضرورة أن تحاول الأم جاهدة بكل ما تستطيع أن لا تحرم طفلها من هذه النعمة، ولا تمنع عنه هذه الفوائد الكثيرة التي قد يحصل عليها. فالرضاعة الطبيعية حق من حقوق الطفل على الأم، ولا يجوز للأم التساهل في حق طفلها هذا أبداً.
ويجب أن تدرك الأمهات أن الرضاعة الطبيعية تعود بالكثير من الفوائد عليها أيضاً، وتؤثر بشكل إيجابي وكبير على صحتها كذلك، فتحميها من العديد من الأمراض كما مر معنا.
إرسال تعليق