المضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون

الكاتب: اقرأ فكرةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال:بحث العلاقة بين استخدام المضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون من خلال الدراسات والأبحاث المنشورة.
المضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون

يعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال والنساء، والسبب الرئيسي الثالث للوفيات المرتبطة بالسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك وفقاً لبيانات المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.

وسرطان القولون والمستقيم هي من السرطانات القليلة التي يمكن الكشف عنها مبكراً، وذلك عن طريق إجراء بعض الفحوصات في مراحل عمرية محددة، والتي يمكن من خلالها الكشف عن بعض البوليبات (أو ما تسمى بالسلائل  Polyps) القابلة للتحول إلى السرطان ليتم استئصالها في مرحلة مبكرة.

وينصح المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بالبدء بإجراء الفحص الروتيني الخاص بسرطان القولون والمستقيم ابتداءً من عمر 45، وهذا العمر يمكن أن يختلف من بلد إلى آخر، وذلك وفقاً للسياسات الصحية الخاصة بتلك الدولة.

ولسرطان القولون والمستقيم مجموعة من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بها، ومنها: أمراض الأمعاء الالتهابية (مثل مرض كرون أو التهاب القولون التقرحي)، التاريخ العائلي مع السرطان، قلة النشاط البدني، اتباع نظام غذائي فقير بالفاكهة والخضروات والألياف الغذائية وغني بالدهون واللحوم المصنعة، زيادة الوزن والسمنة، استهلاك الكحول والتدخين.

ومن العوامل الأخرى التي يُعتقد أن يكون لها دور في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بشكل خاص، ولاسيما في يومنا هذا، هي المضادات الحيوية، حيث ازدادت في السنوات الأخيرة نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وخاصةً بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 سنة، ويعتقد الباحثون أن الاستخدام غير الواعي للمضادات الحيوية قد يكون أحد الأسباب التي تقف وراء هذه الزيادة.

والمضادات الحيوية، هي مجموعة من الأدوية التي تُستخدم في علاج العدوى البكتيرية، وهي من الأسلحة الفعالة جداً بيد البشر للقضاء على عدد كبير من الأمراض، ولكن يشيع بين الناس بل وحتى بين الأطباء الاستخدام غير الواعي لهذه المجموعة من الأدوية، مما يؤثر بشكل سلبي على مدى فعاليتها، كما يزيد من خطر ظهور الأعراض الجانبية المتعلقة بها.

وقد زادت الدراسات والأبحاث المتعلقة بالمضادات الحيوية، وتأثيراتها الجانبية على صحة الإنسان، وهنا سنحاول أن نلقي الضوء على بعض الدراسات والأبحاث الطبية التي درست العلاقة بين الاستهلاك الزائد للمضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون.

الاستخدام الزائد جداً للمضادات الحيوية قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 17%

أظهرت دراسة سكانية سويدية نُشِرت نتائجها في مجلة المعهد الوطني للسرطان National Cancer Institute وجود ارتباط بين استخدام المضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون.

حيث قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل بيانات عائدة لأكثر من 40.000 مريض بسرطان القولون والمستقيم (تم تشخيصهم في الفترة ما بين عامي 2010 و 2016)، وقارنوها ببيانات عائدة لأكثر من 200.000 شخص صحي غير مصاب بالسرطان.

وقد تضمنت البيانات معلومات عن الحالة الصحية للمشاركين، وتاريخ تشخيصهم بالسرطان، وكذلك معلومات حول الأدوية التي وُصِفتْ لهم، والظروف الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بهم.

ومن بين الأشخاص المصابين بالسرطان كان 36.4% منهم مصاباً بسرطان القولون القريب (الداني)، و29.3% منهم مصاباً بسرطان القولون البعيد (القاصي)، و33% منهم مصاباً بسرطان المستقيم.

 وصنّف الباحثون هؤلاء المشاركين وفق مقدار استهلاكهم للمضادات الحيوية إلى خمسة مجموعات:

  1. مجموعة لا تستخدم المضادات الحيوية (حيث لم يتم الإبلاغ عن أيّ استخدام للمضادات الحيوية خلال فترة الدراسة)، 
  2. ومجموعة تستخدم المضادات الحيوية بكميات قليلة (وضمت الأشخاص الذين استخدموا المضادات الحيوية لمدة 1-10 أيام)، 
  3. ومجموعة تستخدم المضادات الحيوية بكميات معتدلة (وقد ضمت الأشخاص الذين استخدموا المضادات الحيوية لمدة 11-60 يوم)، 
  4. مجموعة تستخدم المضادات الحيوية بكميات عالية (وضمت الأشخاص الذين استخدموا المضادات الحيوية لمدة 61-180 يوم)، 
  5. ومجموعة أخيرة تستخدم المضادات الحيوية بكميات عالية جداً (وضمت الأشخاص الذين استخدموا المضادات الحيوية لأكثر من 180 يوم)

ووجد الباحثون بعد الدراسة والبحث والتدقيق أن الاستخدام المعتدل للمضادات الحيوية زاد من خطر الإصابة بسرطان القولون القريب بنسبة 9%، بينما زاد الاستخدام المرتفع جداً للمضادات الحيوية من خطر الإصابة بنسبة 17%.

وفي المقابل لاحظ الباحثون انخفاض خطر الإصابة بسرطان المستقيم بنسبة 4% مع الاستخدام المعتدل للمضادات الحيوية، وبنسبة 9% مع الاستخدام المرتفع جداً لها، ولكن مما تجدر الإشارة إليه إن هذا الأمر كان مقتصرا على النساء فقط.

ارتباط استخدام المضادات الحيوية بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون في سن مبكرة

أشارت دراسة أخرى والتي نُشرت في المجلة البريطانية للسرطان إلى أن استخدام المضادات الحيوية ارتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون في سن مبكرة.

حيث قام الفريق البحثي في هذه الدراسة باستخدام بيانات نظام الرعاية الأولية في اسكتلندا لما بين عامي 1999 و 2011، وقاموا بدراسة ما يقرب من 8000 حالة مشخصة بسرطان القولون والمستقيم، وقارنوها ببيانات عائدة لأكثر من 30000 شخص سليم.

وشملت البيانات تاريخ التشخيص بالسرطان والحالة الصحية، وكذلك معلومات عن استخدام المضادات الحيوية من حيث النوع والكمية والمدة.

وبين المرضى المشخصين بسرطان القولون والمستقيم كان هناك 445 شخص (5.6%) دون سن الخمسين عند التشخيص.

وبعد الدراسة وجد الباحثون أن استخدام المضادات الحيوية ارتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون، ولاحظوا أنَّ التأثير كان أكثر وضوحاً وأهميةً عند أولئك الذين كانت أعمارهم تقل عن 50 سنة عند تشخيص إصابتهم بسرطان القولون، حيث زاد لديهم خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 50% بالمقارنة مع أولئك الذين لم يستخدموا المضادات الحيوية، أما أولئك الذين كانت أعمارهم أكبر من 50 سنة ازداد خطر الإصابة لديهم بنسبة 9%.

وهذه الدراسة أيضاً لم تظهر أي علاقة بين استخدام المضادات الحيوية والإصابة بسرطان المستقيم، وإنما اقتصر التأثير على القولون فقط.

استخدام المضادات الحيوية لمدة 30 يوم قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 15%

والدراسة الثالثة التي بين يدينا، والتي بحثت في هذه العلاقة أيضاً، هي دراسة أشرف عليها باحثون من مركز جونز هوبكنز كيميل للسرطان Johns Hopkins Kimmel Cancer Center، وقد وجدت أنّ تناول جرعة واحدة من المضادات الحيوية قد تزيد - وإن كان بشكل طفيف- من خطر الإصابة بسرطان القولون، وذلك خلال العشر سنوات اللاحقة لفترة الاستخدام.

حيث قام الباحثون المشرفون في هذه الدراسة والتي نُشرت نتائجها في مجلة GUT بالاستفادة من قاعدة بيانات أبحاث الممارسة السريرية CPRD، وهي واحدة من أكبر قواعد بيانات السجلات الطبية الإلكترونية في العالم للسجلات السريرية. وتضم هذه البيانات معلومات عن أكثر من 11 مليون مريض في المملكة المتحدة، والتي تشمل بيانات عن الوصفات الطبية والتشخيص كذلك.

وبالتركيز على فترة 23 عاماً ابتداء من 1 يناير 1989 إلى 31 ديسمبر 2012، وجد الباحثون 28890 حالة مشخصة بسرطان القولون والمستقيم، فقاموا بدراسة بياناتهم دراسة مفصلة، ثم قارنوا بيانات هؤلاء المرضى مع بيانات مرضى آخرين لهم نفس الخصائص العمرية والجنسية والمكانية ولكن غير مشخصين بسرطان القولون والمستقيم، والتي شملت حوالي 137077 حالة.

ثم قام الباحثون بالاستفادة من السجلات الطبية الخاصة بالمرضى المشخصين بالسرطان لتقييم عوامل الخطر الأخرى للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، كالسمنة والتدخين، وتعاطي الكحول، ومرض السكري، بالإضافة إلى استخدام المضادات الحيوية.

وبعد التحكم بعوامل الخطر الأخرى وأخذها بعين الاعتبار، وجد الباحثون أن أولئك الذين استخدموا المضادات الحيوية أكثر قليلاً كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون.

وأظهر البحث أن التعرض للمضادات الحيوية كان مرتبطاً بشكل أساسي بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون القريب، ووجدت أن استخدام المضادات الحيوية لمدة 15-30 يوماً كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 8%، بينما كان الاستخدام لمدة 30 يوم وأكثر مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بنسبة 15%.

ولم يظهر مثل هذا الارتباط بين المصابين بسرطان المستقيم. بل على العكس من ذلك، لاحظ الباحثون أنه كلما زاد التعرض للمضادات الحيوية قل خطر الإصابة بسرطان المستقيم.

السبب في زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بعد استخدام المضادات الحيوية

هذه الدراسات التي بين أيدينا لم تكتشف الأسباب الحقيقية التي قد تقف وراء زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون بعد استخدام المضادات الحيوية، ولكن الباحثون يعتقدون أن السبب قد يكون بسبب التأثير السلبي للمضادات الحيوية على البيئة الميكروبية النافعة الموجودة في الأمعاء.

حيث يعتقدون أن الاستخدام الزائد للمضادات الحيوية قد يقلل من عدد البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء، ويفسح المجال أمام تكاثر البكتيريا الضارة وزيادة أعدادها، وهذا الأمر قد يؤثر بشكل سلبي على بنية الأمعاء ويساهم في زيادة خطر الإصابة بالسرطان.

ولعل تمركز التأثير السلبي للمضادات الحيوية بشكل كبير على القولون القريب (الداني) قد يزيد من قوة هذا التفسير، حيث أن القولون القريب يضم كمية أكبر من البكتيريا النافعة بالمقارنة مع القولون البعيد والمستقيم.

الحرص على الاستخدام الواعي للمضادات الحيوية

كما رأينا فإن الدراسات السابقة جميعها وجدت علاقة بين استخدام المضادات الحيوية وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون (وخاصة القولون الداني - القريب)، ولكن ما لم تستطع هذه الدراسات إثباته، هو العلاقة السببية بينها، وهذا ما يحتاج إثباته إلى المزيد من البحث والدراسة.

ولكن عدم إثبات العلاقة السببية لا ينفي بأي شكل من الأشكال وجود ارتباط من نوع ما بينهما، وهذا يعني إننا يجب أن نحذر من الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، وأن نسعى لنشر ثقافة الاستخدام الواعي للمضادات الحيوية، سواءً بين المرضى أو حتى بين الأطباء أنفسهم.

والاستخدام الواعي للمضادات الحيوية، يشمل عدم استخدامها إلا بوصفة طبية، والحرص على عدم استخدامها في علاج العدوى الفيروسية حيث تكون عديمة الجدوى، وكذلك يشمل استخدامها لأقصر فترة ممكنة وفقاً لما ينصح به الطبيب.

وقسم كبير من المسؤولة في الاستخدام الواعي للمضادات الحيوية تقع على عاتق كل من الطبيب والصيدلاني، إذ يجب على الأطباء عدم الإفراط في وصف المضادات الحيوية بدون سبب وبناءً على رغبة المرضى، كما يجب على الصيادلة تجنب صرف هذه الأدوية للمرضى دون وصفة طبية.


مع دعواتنا لكم بقلوب مطمئنة وعقول حكيمة وأبدان سليمة

يمكنكم أيضاً قراءة مقال: بعض المضادات الحيوية قد تزيد من خطر الإصابة بحصوات الكلى بالضغط هنا


التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

437731609850946060

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث