
استهلاك الفطر له العديد من الفوائد على الصحة الجسدية والعقلية، ولكن رغم ذلك لا يتم استهلاكه من قبل عدد كبير من الناس، ويعود السبب في ذلك إلى عدم معرفتهم لفوائده الجمة وقيمته الغذائية العالية.
ولذلك نحاول ان نضع بين يديكم نتائج دراسات وأبحاث أكّدت على أهمية استهلاك الفطر، وبيّنت فوائدها الكثيرة على صحة الإنسان.
وقد نشرنا في هذا الخصوص مقال بعنوان (استهلاك الفطر قد يساعد على الوقاية من السرطان) والذي يمكنكم الوصول إليه بالضغط هنا. كما نشرنا مقالاً بعنوان (تناول الفطر قد يقلل من خطر الإصابة بالاختلال المعرفي المعتدل والذي قد يتحول إلى الخرف) والذي يمكنكم الوصل إليه أيضاً من هنا.
أما دراستنا التي سنتاولها في مقالنا اليوم، هي دراسة نُشِرت في مجلة Journal of Affective Disorders وأجرتها كلية الطب في ولاية بنسلفانيا، وقد وجدت أن الأشخاص الذين كانوا يتناولون الفطر كان خطر إصابتهم بالاكتئاب أقل ممن لم يكونوا يتناولونه.
قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل بيانات ومعلومات متعلقة بالنظام الغذائي والصحة العقلية لأكثر من 24000 شخص بالغ من الولايات المتحدة الأمريكية، متوسط أعمارهم 45 سنة، وذلك بين عامي 2005 و2016. وقد كان 5.2% من المشاركين من آكلي الفطر، وتم تصنيفهم وفقاً لكمية الفطر التي يستهلكونها إلى ثلاث مجموعات.
وبالمقارنة مع عدم استهلاك الفطر نهائياً أو استهلاكه بكميات قليلة لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا كميات معتدلة (4.9 جرام/يوم) إلى عالية (19.6 جرام/يوم) من الفطر قل لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب.
ومما يجدر الإشارة إليه أن الباحثون لم يجدوا أن استهلاك كميات عالية من الفطر يومياً (19.6 جرام/يوم) كان أفضل من استهلاك كميات معتدلة، بل وجدول أن التأثير على الأشخاص في المجموعتين كان نفسه.
وقام الباحثون بتحليل العلاقة بين تناول الفطر والصحة العقلية بعد أخذ الجنس والعمر، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، وعوامل الخطر الأخرى، والأمراض الشخصية المبلغة عنها ذاتياً، والأدوية والعوامل الغذائية الأخرى بعين الاعتبار.
وبالنسبة للسبب الذي قد يكمن وراء هذه العلاقة بين تناول الفطر والإصابة بالاكتئاب، فوفقاً للباحثين المشرفين على الدراسة، فإن الفطر يحتوي على حمض أميني لا يتم تصنيعه في جسم الإنسان يدعى بالإرغوثيونين Ergothioneine، وهو عبارة عن مضاد أكسدة يحمي الخلايا والأنسجة في جسم الإنسان من الجذور الحرة والإجهاد التأكسدي.
والإجهاد التأكسدي هو حالة عدم توازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد في الجسم باتجاه انتاج المزيد من العوامل المؤكسدة (الجذور الحرة)، والتي قد تتسبب في إلحاق العديد من الأضرار بالخلايا والأنسجة مؤدية إلى ظهور أمراض ومشاكل صحية كثيرة مثل السرطانات والسكري وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وكذلك بعض الأمراض النفسية كالفصام واضطرابات ثنائي القطب، والاكتئاب.
كما أن فطر الزر الأبيض، وهو من أكثر أنواع الفطر شيوعاً، يحتوي على البوتاسيوم، والذي يعتقد الباحثون أنه قد يكون له دور كبير في التقليل من مشاعر القلق والتوتر.
كما أن بعض الأنواع الأخرى الصالحة للأكل قد تساهم في زيادة إفراز عوامل التغذية العصبية Neurotrophic Factors مثل عامل نمو الأعصاب Nerve Growth Factor، والذي يمكن أن يكون له تأثير على منع الاضطرابات العصبية والنفسية بما في ذلك الاكتئاب.
كما يحتوي الفطر على ألياف نباتية وفيتامين ب 12 وفيتامين د، ومضادات أكسدة وعوامل مضادة للالتهاب كذلك، وهي كلها عوامل مهمة من أجل تحسين الصحة الجسدية والعقلية.
ومن القيود المتعلقة بهذه الدراسة، والتي يأمل الباحثون تفاديها ومعالجتها في دراسات مستقبلية، أنها لم تقدم تفاصيل عن أنواع الفطر، وعن مدى تأثير كل نوع منها على الاكتئاب. كما أن طبيعة الدراسة لا تسمح لها بتحديد علاقة سببية قطعية بين تناول الفطر وانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب.
ولكن رغم هذه الجوانب السلبية، تعد هذه الدراسة مهمة، وتلقي الضوء على ضرورة التنويع في تناول الأطعمة النباتية الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة للتمتع بصحة جسدية وعقلية.
كما أنها قد تشجع بعض الناس ممن يشمئزون أو لا يستطيعون تناول الفطر لأن يقوموا بإضافته لقائمة أطعمتهم، ولو بكميات معتدلة، فكما ذكرنا الكميات المتوسطة كذلك قد تكون كافية لتحصيل الفوائد المرجوة من الفطر.
يمكنكم قراءة المواضيع التالية للمزيد من المعلومات عن الفطر واستهلاكه:
تناول الفطر قد يقلل من خطر الإصابة بالاختلال المعرفي المعتدل (والذي قد يتحول إلى الخرف).
استهلاك الفطر قد يساعد على الوقاية من السرطان.
إرسال تعليق