
في الدرس الرابع من سلسلة الإسعافات الأولية التي بدأناها في اقرأ فكرة تحت شعار ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، سنتطرق إلى مجموعة من النصائح والتوصيات للوقاية من التقاط العدوى والأمراض اثناء القيام بالإسعافات الأولية وإنقاذ المصابين.
يمكنكم الوصول لجميع منشورات سلسلة الإسعافات الأولية بالضغط هنا.
إن تقديم الإسعافات الأولية للمصابين يجعل المسعف الأولي في حالة اتصال وثيق معهم ومع السوائل الخارجة من أجسامهم (مثل اللعاب، والمخاط، والقيء، والدم)، وهذا يجعله عرضة لالتقاط بعض العوامل الممرضة، وهي الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تسبب أمراض معدية مختلفة.
طرق انتقال العدوى
يمكن أن تنتقل مسببات الأمراض أثناء القيام بالإسعافات الأولية من خلال ثلاث طرق انتقال رئيسية، وهي:
- الاتصال المباشر: يتم الانتقال المباشر للعوامل المرضى من خلال الاتصال الجسدي الوثيق، حيث تنتقل العوامل الممرضة عن طريق دخول السوائل من جسم المصاب إلى جسم الشخص المسعف مباشرةً، كأن يتلامس جرح موجود في يد المسعف مع دم شخص المصاب. ومن أمثلة الكائنات الحية الدقيقة التي قد تنتقل بهذا الشكل: فيروس الإيدز، والتهاب الكبد، والهربس.
- الاتصال غير المباشر: وفيه تنتقل العوامل الممرضة من جسم أو سطح ملوث بمفرزات الشخص المصاب إلى جسم الشخص المسعف، كأن يلتقط الشخص المسعف دون اتخاذ التدابير الوقائية جسماً ملوثاً بمفرزات الشخص المصاب ثم يقوم بفرك عينيه قبل غسلها أو يلامس الأغشية المخاطية في فمه وأنفه. ومن أمثلة الأمراض التي قد تنتقل بهذا الشكل: التهاب السحايا، والانفلونزا.
- تنفس الهواء الملوث: حيث تنتقل العوامل الممرضة عن طريق تنفس المسعف الذي لا يرتدي الكمامة الطبية للهواء الملوث بالعوامل الممرضة الخارجة من فم أو انف المريض أثناء السعال أو العطاس أو الصراخ وغيرها. ومن أمثلة الأمراض التي قد تنتقل بهذه الطريقة: الحصبة والسل والأنفلونزا.
الوقاية من العدوى
هنا سنتعرف على بعض الخطوات العملية التي يمكن من خلالها الوقاية من خطر الإصابة بالعدوى أثناء القيام بالإسعافات الأولية. وهي:
غسل اليدين
إن غسل اليدين بالشكل المناسب هو أول خطوة عملية للوقاية من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية المنتشرة، وهو يعتبر اجراءاً هاماً جداً يجب الالتزام به خلال الحياة اليومية وعند القيام بالكثير من الأعمال الروتينية.
ويجب على مقدمي الإسعافات الأولية كذلك غسل اليدين بعد الانتهاء من تقديم الدعم والمساعدة، حتى وإن كانوا يرتدون القفازات الطبية طوال الوقت. فارتداء القفازات الطبية وإن كان يساعد على الوقاية من خطر الإصابة بالعوامل الممرضة، إلا أنه لا يلغي أبداً الحاجة إلى غسل اليدين بالشكل المناسب.
عند غسل اليدين يجب الالتزام بالقواعد التالية:
- يُنصَح باستخدام ماء جاري دافئ (وليس ساخن)، وكمية معتدلة من الصابون (كافية لعمل رغوة لغسل اليدين)
- ثم يتم فرك اليدين معاً بالصابون وعمل رغوة، وعملية الفرك بالصابون هذه هي التي تساعد على إزالة الجراثيم والعوامل الممرضة والتخلص منها، ولذلك يُنصح بفرك اليدين معاً بشكل جيد لمدة 30 ثانية على الأقل.
- يجب مراعاة وصول رغوة الصابون إلى جميع أجزاء اليد، كالمعصم، وراحة اليد، وظهر اليد، والمنطقة ما بين الأصابع، وكذلك تحت الأظافر.
- يتم التخلص من الرغوة بوضع اليدين تحت المياه الجارية الدافئة.
- يتم تجفيف اليدين بمنشفة ورقية نظيفة.
- يتم استخدام هذه المنشفة لغلق الصنبور، وكذلك لفتح باب الحمام، وثم بعد ذلك يتم التخلص منها.
متى يجب غسل اليدين؟
بشكل عام يُنصح بغسل اليدين:
- بعد لمس أي شيء يحتمل أن تتواجد عليه عوامل ممرضة كالجراثيم والفيروسات وغيرها، ومن ذلك غسل اليدين بعد تنظيف الأنف، وبعد تغيير حفاضات الأطفال، وكذلك بعد لمس الحيوانات الأليفة.
- وقبل لمس أي شيء يمكن أن يُنقل العوامل الممرضة إلى داخل الجسم، ومنها غسل اليدين قبل الأكل ولمس الطعام، وكذلك قبل لمس أي جرح.
وفي حالات القيام بالإسعافات الأولية، يُنصح بغسل اليدين:
- قبل (إن كان ممكناً) وبعد الاتصال بالشخص المريض أو المصاب.
- بعد التعامل مع الأشياء أو الأدوات أو الضمادات المتسخة بسوائل المريض.
- قبل وبعد معالجة الجروح وتضميدها.
- بعد نزع القفازات.
معقمات الأيدي:
لا تعد استخدام المعقمات اليدوية بديلاً عن غسل الأيدي بأي شكل من الأشكال، وهي لا تصلح أبداً لتعقيم الأيدي المتسخة بوسخ ظاهر وواضح.
ويجب استخدام المعقمات فقط كإجراء سريع ومؤقت في الحالات والمواقف التي لا يمكن فيها غسل اليدين بشكل فوري، حيث يتم استخدامها إلى حين الوصول لمكان يمكن فيه غسل الأيدي بشكل جيد، وذلك لأن معقمات الأيدي وإن كانت تساعد على تقليل عدد العوامل الممرضة على الأيدي بشكل جيد، إلا أنها لا تقضي عليها تماماً، وهذا ما يستوجب غسل الأيدي مباشرةً بمجرد القدرة على ذلك.
عند استخدام معقم الأيدي يجب التأكد من فرك اليدين جيداً لضمان وصول المعقم إلى جميع مناطق اليدين، بما فيها مناطق ما بين الأصابع وكذلك الأظافر. يجب الاستمرار بفرك اليدين معاً حتى يجف المعقم تماماً.
التطعيم
يمكن التحصن ضد بعض الأمراض المعدية من خلال تلقي التطعيم الخاص بها، إذ تساعد التطعيمات في الوقاية من العديد من هذه الأمراض، والتي تُعتبر بعضها خطيرة جداً، بل حتى أن بعضها قد تتسبب بالوفاة. ويمكن الحصول على التطعيمات المناسبة للفترة العمرية بزيارة أقرب مركز صحي.
وعملية الوقاية من الأمراض باستخدام التطعيمات هي عملية مستمرة، ولا تقتصر على مرحلة الطفولة فقط، إذ أنّ بعض التطعيمات الخاصة تحتاج إلى أكثر من جرعة لتصبح فعالة، وبعضها تحتاج إلى جرعات إضافية بعد سنوات عدة، كما أن بعضها يقتصر أخذها على بعض الأشخاص المزاولين لمهن محددة أو المتواجدين في أماكن خاصة، ولأجل كل هذا يُنصح بتنظيم عملية التطعيمات مع طبيب خاص.
استخدام أدوات الحماية الشخصية
وهي مجموعة من الأدوات التي يتم استخدامها من قبل الشخص المسعف الأولي لتحمية من التقاط العدوى والعوامل الممرضة، وأكثر هذه الأدوات استخداماً في عملية الإسعافات الأولية هي القفازات وحواجز التنفس للإنعاش القلبي الرئوي.
ومن الأدوات الأخرى التي يُنصح باستخدامها كذلك النظارات والأقنعة (كمامات).
ويجب التخلص من الأدوات الصالحة للاستخدام مرة واحدة فقط بعد الاستخدام مباشرة، ويُفضَّل التخلص منها بوضعها في سلة النفايات الطبية.
القفازات
يعد ارتداء القفازات طريقة مهمة للحماية والوقاية من الأمراض أثناء القيام بالإسعافات الأولية. ويُفضَّل أن تكون القفازات من النوعية القابلة للاستعمال مرة واحدة فقط، وأن تكون خالية من اللاتكس لتجنب أي حساسية قد تحصل بسببها.
ويجب الحرص على التخلص من القفازات فوراً بعد الانتهاء من تقديم المساعدة، ولا يجوز غسلها وإعادة استخدامها.
ويجب كذلك أن تكون القفازات بحجم مناسب لكفة اليد، وأن تكون خالية من أي تمزقات وعيوب قد تؤثر سلباً على عملية الحماية.
ويُنصح بارتداء القفازات قبل الإقدام على تقديم الرعاية والمساعدة للمريض أو المصاب وخاصة إذا ما كان هناك احتمال ملامسة دم الشخص أو أي سوائل أخرى خارجة منه، وكذلك عند التعامل مع الأشياء أو الأسطح الملوثة بدم المريض او غيرها من سوائله والتي يحتمل أن تكون معدية.
يجب أن لا يتم ملامسة الأدوات والأسطح النظيفة والمعقمة، وخاصة تلك الموجودة في حقيبة الإسعافات الأولية بالقفازات المتسخة (التي تم بها ملامسة المريض وسوائله)، وذلك لمنع انتقال العوامل الممرضة من تلك القفازات إليها. أما عند وجود اضطرار لملامسة بعض الأشياء فحينها يُنصح بالتخلص من القفازات المتسخة وارتداء اخرى جديدة قبل ذلك.
إذا كان الشخص المصاب غير فاقد للوعي يمكن الاستعانة به لتقليل التعرض للعدوى قدر الإمكان، فيمكن أن يقوم هو بالضغط على جرحه النازف، أو أن يقوم ببعض المهام الأخرى التي قد تكون من شأنها زيادة خطر تعرض الشخص المسعف للعدوى.
يجب عدم مساعدة عدة أشخاص مصابين باستخدام نفس القفازات، لأن هذا قد يساهم في نقل العدوى والعوامل الممرضة فيما بينهم.
عند الانتهاء من تقديم الرعاية والمساعدة يجب نزع القفازات من اليدين بطريقة مناسبة تمنع انتقال العدول من السطح الخارجي للقفازات إلى الجلد، ومن ثم التخلص منها في المكان المناسب وغسل اليدين بشكل صحيح.
الطريقة الصحيحة للتخلص من القفازات الملوثة
حاجز التنفس
تُستخدم حواجز التنفس هذه لتقليل خطر الإصابة بالعدى عند إعطاء الأنفاس المنقذة للمصاب، وذلك لأنها تسمح للقيام بذلك دون الحاجة إلى الاتصال الفموي المباشر مع فم المصاب، مما يساعد على الحماية من سوائل جسم كاللعاب والدم.
ولحواجز التنفس أشكال وأنواع مختلفة، وتختلف طريقة استخدام كل منها عن الآخر، وأشهرها تلك القطعة الرقيقة من البلاستيك الحاوية على صمام باتجاه واحد يسمح بالتنفس في فم الشخص المصاب بعد وضعها على وجهه.
تنظيف وتعقيم الأسطح والمعدات
يجب تنظيف وتطهير الأدوات القابلة للاستخدام بشكل صحيح، وكذلك الأسطح التي تلوثت بالدم وغيرها من السوائل أو المواد التي يُحتمل أن تكون معدية. ويجب القيام بذلك بأسرع وقت ممكن بعد وقوع الحادث، ويجب الحرص على ارتداء معدات الحماية الشخصية المناسبة عند التعامل مع تلك الأدوات والأسطح.
إذا انسكب الدم أو أي مواد أخرى يحتمل أن تكون معدية على الأرض أو أي سطح آخر فيُنصح بمنع الأشخاص الآخرين من الوصول إليها وملامستها.
إذ كانت هناك أشياء حادة (مثل شظايا الزجاج المكسور) في المكان، فيجب عدم التقاطاها باليدين، بل يُنصح بالتخلص منها باستخدام ملقط أو مغرفة أو قطعتين من الكرتون.
يتم مسح المواد والسوائل المنسكبة بحرص باستخدام مناشف مناسبة، وبعد ذلك يتم غمر المنطقة بمحلول مطهر مختلط حديثاً يتكون من جزاء واحد من مادة التبييض إلى 9 أجزاء من الماء (محلول بنسبة 10%).
يجب تعقيم وتنظيف الأدوات التي سُتعاد استعمالها جيداً قبل إعادة الاستخدام، ويمكن ذلك بغمرها في محلول مبيض بنسبة 10% أو أي محلول مطهر آخر لمدة 10 دقائق ثم شطفها وتجفيفها.
يجب التأكد من وجود تهوية جيدة في المكان، وكذلك التأكد من ارتداء القفازات واستخدام واقي العينين عند استخدام المبيض.
يتم ترك المحلول على السطح لمدة 10 دقائق، ثم يتم استخدام مواد ماصة نظيفة (مثل المناشف الورقية) لمسح السائل وتجفيف المنطقة.
يتم التخلص من جميع مخلفات التنظيف والمواد المستخدمة في حاوية خاصة بالنفايات البيولوجية والطبية.
في حال عدم توفر حاويات خاصة بالنفايات الطبية، يتم وضع هذه النفايات في أكياس بلاستيكية مع اغلاقها بإحكام أو في علب بلاستيكية ذو غطاء ويتم التخلص منها في الحاويات العادية بشكل صحيح.
يجب غسل الملابس والبياضات الملوثة باستخدام صابون وماء ساخن لدرجة 70 درجة مئوية على الأقل.
التصرف الجيد بعد التعرض لسوائل المريض
عند التعرض لسوائل المصاب بشكل من الأشكال سواء عن طريق جرح موجود في الجلد أو عن طريق العينين أو الأغشية المخاطية (في الفم والأنف على سبيل المثال) فحينها يجب اتباع الخطوات التالية:
- إذا كان التعرض قد تم عن طريق جرح مكشوف في الجلد فيجب غسل المنطقة جيداً بالماء والصابون
- إذا كان التعرض قد تم في العينين يجب غسلهما جيداً تحت الماء الجارية لمدة 15 إلى 20 دقيقة.
- وكذلك إذا ما كان التعرض قد تم عن طريق الأغشية المخاطية في الفم والأنف يجب غسل المنطقة جيداً بالماء.
- ثم يتم إبلاغ الطبيب الخاص أو موظفي الإسعاف بالأمر.
نصائح أخرى
يُنصح بفحص اليدين بانتظام لاكتشاف أي جروح أو إصابات مخفية، والقيام بتغطيتها ومعالجتها حتى تلك الصغيرة منها، وذلك تحسباً لأي طارئ وتجنباً لالتقاط أي عدوى.
في الأحوال العادية لا يكون المسعف الأولي مضطراً لاستخدام أي أدوات حادة كالإبر والشفرات وغيرها، ولتجنب الإصابة بالعدوى يُنصح بالتعامل مع الأدوات الحادة المتواجدة في مكان الحادث بشكل حذر.
إرسال تعليق