الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية

الكاتب: اقرأ فكرةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق
نبذة عن المقال:نصائح وتوصيات لإنجاح الرضاعة بعد الولادة القيصرية وآثار مسكنات الألم والتخدير على الجنين وعملية الرضاعة الطبيعية.
الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية

الولادة القيصرية، هي عملية جراحية لإخراج الجنين من الرحم عن طريق شق في البطن.

في الحالات الطبيعية يتم اللجوء إلى الولادة القيصرية بهدف تأمين ولادة آمنة لكل من الأم والطفل عند وجود مضاعفات أو مشاكل قد تمنع الولادة الطبيعية عن طريق المهبل.

فالولادة القيصرية من هذه الناحية تعد عملية مفيدة جداً، وساهمت في إنقاذ العديد من الأرواح وولادة العديد من الأطفال الذين كان من المتوقع فقدانهم إذ ما تمت ولادتهم عن طريق الولادة الطبيعية (المهبلية).

ولكن وككل شيء آخر، في يومنا هذا يُساء استخدام الولادة القيصرية، ويتم اللجوء إليها بناءً على رغبات الأمهات الجدد حتى دون وجود أي أسباب طبية مقنعة لذلك.

والولادة القيصرية على عكس الولادة الطبيعية قد تكون لها العديد من الآثار الجانبية، وقد تنتج عنها الكثير من التحديات والصعوبات الجديدة بعد الولادة.

ومن المشاكل التي تُشغل بال الكثير من الأمهات اللواتي يخططن لأجراء ولادة قيصرية لأسباب طبية أو اللواتي يطرنَّ لإجراء ولادة قيصرية لأسباب طارئة مشكلة إرضاع الطفل رضاعة طبيعية بعد الولادة القيصرية.

ومن الأسئلة الكثيرة التي تراود ذهن الأمهات في مثل هذه الحالات: هل الرضاعة الطبيعية ممكنة بعد الولادة القيصرية؟ هل يمكن البدء فوراً بالرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية؟ هل يمكن للتخدير أن يؤثر بشكل سلبي على الرضاعة الطبيعية؟ هل يمكن للأدوية التي يتم أخذها للتعافي من آثار الولادة القيصرية أن تؤذي الطفل وتؤثر على الرضاعة الطبيعية؟ وغيرها.

وهنا سنحاول أن نجيب عن هذه الأسئلة بأجوبة واضحة وموثوقة، ونقدم بعض التوصيات التي قد تساعد على البدء بالرضاعة الطبيعية بأسرع وقت ممكن بعد الولادة القيصرية.

هل الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية ممكنة؟

إن الولادة القيصرية وإن كانت تؤثر على سير الرضاعة الطبيعية، وتوقيت البدء فيها، وغير ذلك من الأمور، إلا أنها لا تمنع ذلك بشكل كامل.

حيث تتمكن معظم النساء من إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية بعد الولادة القيصرية بشكل سليم بعد التغلب على بعض الصعوبات والتحديات التي تأتي بها الولادة القيصرية.

فالولادة القيصرية هي في النهاية عملية جراحية كبيرة، وتخلق بعض الظروف والصعوبات أمام البدء بالرضاعة الطبيعية والاستمرار فيها، مثل الآلام التي تلي العملية، وجرح البطن الذي يمنع حمل الطفل بالشكل التقليدي، والفترة اللازمة للتعافي بشكل كامل من آثارها وآثار التخدير والأدوية المستخدمة خلالها، وغير ذلك.

إلا أن الرضاعة الطبيعية كما ذكرنا أمر ممكن بعد الولادة القيصرية، ويجب عدم القلق كثيراً بهذا الخصوص، بل يجب السعي لتعلم الطرق والأساليب الصحيحة لزيادة فرص نجاح الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية، وهو ما سنذكره في ما يلي من المقال.

متى يمكن البدء بالرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية؟

تُوصي معظم المؤسسات الطبية بضرورة تحقيق التلامس الجلدي بين الأم وطفلها، والبدء بإرضاعه من الثدي بعد الولادة مباشرة.

وذلك لأن التلامس الجلدي والرضاعة بعد الولادة مباشرةً تؤثر بشكل إيجابي على البدء بالرضاعة الطبيعية والاستمرار فيها، وتساهم في إنتاج الحليب وتدفقه.

ولكن تحقيق التلامس الجلدي بين الأم وطفلها، والسماح بالرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرةً قد تكون أصعب قليلاً بعد الولادة القيصرية.

وهذا التأثير يختلف باختلاف نوع الولادة القيصرية، كونها مخططة لها مسبقاً أم طارئة، وكذلك باختلاف نوع التخدير الذي يتم تنفيذه في أثناء العملية القيصرية، تخدير عام أو موضعي، وأيضاً باختلاف الأوضاع الصحية لكل من الأم والطفل بعد الولادة.

ولكن بشكل عام يُنصَح بضرورة تحقيق التلامس الجلدي بعد الولادة مباشرةً إذا سمحت بذلك صحة كل من الأم والطفل حتى ولو لم يكن من الممكن إرضاع الطفل. حيث إن هذا التلامس الجلدي وحده قد يؤثر بشكل إيجابي على سرعة البدء بالرضاعة الطبيعية ويزيد من إفراز الحليب ويحفز إدراره.

ويُنصَح بالبدء بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية بمجرد القدرة على ذلك.

غالباً يمكن للنساء اللواتي خضعن للتخدير الموضعي خلال الولادة القيصرية البدء بالرضاعة الطبيعية وهن لا يزلن في غرفة العمليات، أو على الأقل يمكنهن القيام بذلك بعد الولادة بمدة قصيرة في حال لم يكن هناك أي مانع طبي لذلك.

أما التخدير العام فغالباً يحتاج النهوض منه وقتاً أطول، وتبقى الأم والطفل يعانيان من النعاس والتعب بعده لمدة أطول، وهذا بدوره يمكن أن يؤخر الرضاعة بضع ساعات بعد الولادة.

ولكن لم تثبت الدراسات أي تأثير سلبي بعيد المدى للتخدير على عملية الرضاعة الطبيعية واستمرارها، ولذلك يجب الحرص على البدء بالرضاعة الطبيعية بمجرد القدرة على ذلك بغض النظر عن نوع التخدير.

ما الذي يجب القيام به في حال لم تتمكن الأم من إرضاع طفلها بعد الولادة القيصرية؟

في بعض الأحيان قد تمنع الظروف الصحية للأم والجنين بعد الولادة القيصرية البدء بالرضاعة الطبيعية، إذ قد يحتاج الطفل إلى البقاء في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة بعض الوقت، أو قد تضطر الأم إلى البقاء في وحدة العناية المركزة بسبب مضاعفات الولادة.

فالولادة القيصرية غالباً تجري في الظروف التي تكون فيها الولادة الطبيعية غير ممكنة، وبطبيعة الحال تكون نسبة ظهور المضاعفات والمشاكل الصحية بعدها أكثر.

وفي مثل هذه الحالات إذا لم تتمكن الأم من إرضاع طفلها خلال 12 ساعة بعد الولادة، يُنصح بأن تقوم بشفط الحليب من الثدي سواءً باليد أو باستخدام مضخة.

ويُنصَح بالاستمرار بشفط الحليب كل 2-3 ساعات حتى تتمكن الأم من لقاء الطفل والقيام بإرضاعه. 

هل الولادة القيصرية تؤخر إنتاج الحليب الناضج؟

أظهرت بعض الدراسات والأبحاث أن الولادة القيصرية قد تؤخر إنتاج الحليب الناضج لدى الأم.

ففي الحالة الطبيعية ينتج الثدي ما يسمى باللبأ أي الحليب الأولي خلال الأيام القليلة الأولى بعد الولادة، وهو حليب يتم إفرازه بكميات قليلة ولكن له فوائد عديدة، ويكون غنياً بالأجسام المضادة التي تساهم في تعزيز الجهاز المناعي للطفل.

وبعد حوالي 2-5 أيام من الولادة يبدأ الثدي بإنتاج الحليب الناضج، وتدريجياً يتوقف الثدي عن إنتاج اللبأ حتى يصل بحلول الأسبوعين إلى مرحلة إنتاج الحليب الناضج فقط.

أما بعد الولادة القيصرية فقد تتأخر عملية البدء بإنتاج الحليب الناضج لبضعة أيام أخرى، ويجب ألّا تحبط الأم من هذا التأخر وتمتنع عن الرضاعة الطبيعية بشكل كامل بحجة عدم وجود حليب في ثدييها.

ففي النهاية سيبدأ الثدي بإفراز الحليب الناضج ولو تأخر ذلك بعض الوقت، ويمكن المساعدة في إسراع الأمر باتباع بعض التوصيات الموجودة في الأسفل.

هل استخدام مسكنات الألم بعد الولادة القيصرية تضر بصحة الجنين؟

من المشاكل التي قد تخلفها الولادة القيصرية لدى الأمهات الآلام الشديدة وخاصة تلك التي في منطقة شق العملية.

وفي معظم الأحيان تحتاج الأمهات إلى أخذ أدوية مسكنة عن طريق الوريد أو الفم للتخلص من هذه الآلام أو تخفيفها.

وهذه المسكنات تشكل مصدر قلق لدى الأمهات، وقد تمنع البعض منهن عن البدء بالرضاعة الطبيعية خوفاً من آثارها الضارة على الجنين.

ولكن في وقتنا الحاضر يتم استخدام أدوية مسكنة آمنة للأطفال، وهذه الأدوية لا تصل للطفل إلا بكميات قليلة عن طريق حليب الثدي. هذه المستويات لا تلحق أي أضراراً بالطفل باستثناء إحداثها لبعض النعاس لديه.

هذا النعاس غير مؤذٍ للطفل، وأكثر ما يمكن أن يتسبب به هو إحداث صعوبة في عملية إرضاع الطفل، حيث ستحتاج الأم إلى اتباع بعض التقنيات والأساليب لإبقائه يقظاً حتى يتمكن من الرضاعة بشكل جيد.

ويجب معرفة إن ترك الرضاعة الطبيعية بسبب هذه المسكنات ستكون له آثار سلبية أكثر على صحة الطفل مقارنة بآثار هذه الأدوية نفسها.

التأثير السلبي للألم على عملية الرضاعة

 إن الألم قد يؤثر بشكل سلبي على عملية الرضاعة من عدة نواح، فمن ناحية قد يسبب تعباً نفسياً للأم يمنعها من إرضاع طفلها من الثدي.

ويمكن أن يؤثر الألم على إفراز هرمون الأوكسيتوسين لدى الأم بكميات مناسبة، وهو هرمون له دور مهم في إفراز الحليب وتدفقه.

ولذلك يُنصَح بضرورة السيطرة على الآلام وتخفيفها بعد الولادة القيصرية، حيث يمكن أن يكون لذلك تأثير إيجابي على سرعة البدء بالرضاعة الطبيعية.

ويجب ألا تتردد الأمهات على تعاطي الأدوية المسكنة التي يتم منحها لهن من قبل الطبيب المختص كما ذكرنا في الأعلى.

ما هي الوضعية المناسبة للرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية؟

قد تعاني الأم بعض الشيء حتى تتمكن من اختيار الوضعية المناسبة لإرضاع طفلها بعد الولادة القيصرية.

حيث إن بعض الوضعيات قد تسبب ضغطاً زائداً على مكان الجرح فتسبب آلاماً تمنع الأم من المتابعة، ولذلك يكون لاختيار الوضعية المناسبة في مثل هذه الظروف دوراً مهماً جداً في إنجاح عملية الرضاعة الطبيعية واستمرارها لأطول مدة ممكنة.

من الوضعيات التي قد يكون من الصعب الرضاعة فيها بعد الولادة القيصرية وضعية المهد Cradle hold ووضعية المهد المعاكسة Cross-cradle hold، أما الوضعيات التي يُنصح بالالتزام بها بعد الولادة القيصرية فهي وضعية الرضاعة المستوحاة من طريقة مسك كرة القدم الأمريكية Football hold ووضعية الاستلقاء على الجانب Side lying hold.

وضعية مسك كرة القدم الأمريكية

 في هذه الوضعية تضع الأم طفلها تحت ذراعها، وتلفه على جسمها واضعةً رأسه عند ثديها، حيث يكون ظهر الطفل مدعوماً بذراع الأم ورأسه بقبضة يدها.

أما اليد الأخرى فتستخدمه الأم لمسك حلمة ثديها، ومساعدة الطفل على الرضاعة منها.

وضعية الاستلقاء على الجانب

في هذه الوضعية تستلقي الأم على أحد جانبيها، وتضع طفلها كذلك على أحد جانبيه بمحاذاة نفسها وجهاً لوجه مع إسناده بإحدى يديها.

وتستخدم الأم اليد الأخرى لمسك حلمة ثدييها وتقريبها من فم الطفل، ومساعدته على الرضاعة منها.

إذا أرادت الأم أن ترضع بوضعية المهد، فقد يمكنها ذلك بعد استخدام بعض الوسادات لتضعها على جرحها فتمنع الضغط المباشر عليه، وتخفف من الألم.

نصائح وتوصيات عامة للرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية

يمكن للأم أن تخبر طبيبها برغبتها في الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية ليختار بناءً على ذلك الأدوية التي يمنحها لها، ويدعمها لتحقيق ذلك قدر الإمكان.

يجب الحرص على إبقاء الأم وطفلها معاً في نفس الغرفة أثناء التعافي من آثار الولادة القيصرية وحتى عودتهما إلى المنزل، إذ إن ذلك يمكن أن يساعد على إفراز الهرمونات اللازمة لإنتاج الحليب، وتسهيل تدفقه.

يجب أن تقوم الأم بإرضاع طفلها في كل مرة يطلب فيها ذلك، ويظهر علامات تدل على جوعه. ويسمى هذا النوع من الرضاعة بالرضاعة على الطلب، وهو يساهم في تشكل الحليب وإدراره.

تُنصح الأم باحتضان طفلها وتحقيق التلامس الجلدي معه كلما سنحت الفرصة لذلك، لأن ذلك يؤثر بشكل إيجابي على عملية إنتاج الحليب والرضاعة.

يجب طلب المساعدة من الشريك أو أحد الأقرباء الآخرين للمساهمة في العناية بالرضيع بعد الولادة القيصرية، لأن ذلك قد يكون صعباً على الأم وحدها. 

نظراً لإعطاء المزيد من السوائل للنساء اللواتي يخضعن للولادة القيصرية، ففي الغالب يكون للطفل المولود بولادة قيصرية وزناً أكثر قليلاً. ويتخلص الطفل من هذا الوزن الزائد الناتج عن هذه السوائل عن طريق التبول كثيراً بعد الولادة، مما يجعله يبدوا وكأنه يفقد وزناً أكثر بالمقارنة مع أولئك الذين يولدون بولادة طبيعية. ولكن هذا أمر طبيعي جداً، ولا يجب أن يدفع الأم إلى الإسراع بإعطاء الطفل الحليب الاصطناعي، لأن هذا قد يؤثر بشكل سلبي على البدء بالرضاعة الطبيعية والاستمرار فيها.

يجب أن تسعى الأم للولادة في مستشفى يتبع سياسات تساعد على نجاح البدء بالرضاعة الطبيعية بأسرع وقت ممكن، مثل السماح بالتلامس الجلدي المباشر بعد الولادة بين الأم وطفلها، والمساعدة على إرضاع الطفل في غرفة العمليات إذا كان ذلك ممكناً، والامتناع عن إعطاء أي مواد غذائية أخرى غير حليب الأم للطفل من شأنها التأثير سلباً على عملية الرضاعة الطبيعية.

يجب التحلي بالصبر خلال مرحلة ما بعد الولادة القيصرية، لأن الأم قد لا تتمكن من إرضاع طفلها بالسرعة التي كانت تتوقعها ويجب ألّا يدفعها هذا للاستسلام. بل يجب عليها الحرص على إرضاع طفلها كلما سنحت لها الفرصة بذلك، وفي معظم الأحوال ستتمكن من ذلك.

في النهاية

وهكذا نكون قد تحدثنا بشكل مفصل عن كل ما يخص الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية، ووجدنا أنه على عكس ما تعتقده معظم النساء فإن الرضاعة الطبيعية أمر ممكن بعد الولادة القيصرية، وأن معظم الأمهات الراغبات في ذلك تتمكنَّ من إرضاع أطفالهن بعد الولادة القيصرية بفترة وجيزة بشكل سليم.


شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

437731609850946060

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث