
تعتقد الكثير من الأمهات أن البكاء هي الوسيلة الوحيدة التي يعبر بها الطفل الرضيع عن احتياجاته خلال السنوات الأولى من عمره، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق.
فالبكاء ليس إلا علامة متقدمة من علامات التعبير لدى الطفل الرضيع، وإنما الأهم من البكاء هي الإيماءات والحركات التي يقوم بها الطفل الرضيع قبل أن يصل لمرحلة البكاء.
فالإيماءات والحركات التي يقوم بها الطفل بوجهه وأطرافه تعبر عمّا يطلبه ويحتاج إليه، ومنها تلك العلامات التي يظهرها عند الجوع أو الشبع.
فالرضاعة والنوم هما أهم ما يقوم به الطفل الرضيع خلال السنوات الأولى من حياته، فهي تمدّه بكل ما يحتاج إليه لينمو بشكل صحي وسليم.
وإذا ما فهمت الأم علامات الجوع والشبع لدى طفلها الرضيع فهي بذلك تكون قد فهمت جزءاً كبيراً جداً من لغة التواصل مع طفلها، وبذلك ستكون قادرة على تلبية احتياجاته بأفضل ما يمكن.
ما الفائدة من تعلم علامات الجوع والشبع لدى الطفل الرضيع؟
إن فهم علامات الجوع والشبع لدى الطفل الرضيع، ستساعد الأم على تلبية احتياجات طفلها وفقاً لرغبته هو وبرنامجه الذي يريده.
وهذا الأمر سيسهل على الأم الرضاعة، وستنقذها من قلق النظر إلى الساعة وعد الدقائق لتعرف متى يجب عليها إرضاع طفلها ومتى يجب أن تنتظر.
كما أن استجابة الأم لطفلها بناء على العلامات التي يظهرها سيشعر طفلها بالأمان، وستقوي من العلاقة التي تربط بينهما، وهذا بالطبع سينعكس بشكل إيجابي على نمو الطفل الرضيع.
بالإضافة إلى هذا فإن فهم الأم لعلامات الجوع والشبع لدى طفلها ستساعدها على إرضاء طفلها وإشباع رغباته قبل أن يصل إلى مرحلة الضجر والبكاء، وإيقاف البكاء وتهدئة الطفل ليس بالأمر الهين والسهل في هذه المرحلة.
وبطبيعة الحال لا ترغب أية أم أن تجعل طفلها يبكي وتزداد دقات قلبه وسرعة التنفس لديه، وبأن يخسر طاقة كبيرة وسعرات حرارية كثيرة في البكاء فيتعب، وقد ينام نتيجة التعب وهو لا يزال جائعاً.
فاستجابة الأم لطفلها قبل البكاء سيحمي الطفل من الآثار السلبية الجسدية والنفسية للبكاء على الطفل الرضيع.
إذا تعوّد الطفل أن الأم لا تستجيب له سوى بالبكاء فعندها قد يمتنع عن إظهار أي علامات أخرى للجوع غير البكاء، أي هذا الأمر سيدفع الطفل إلى تغيير عاداته الفطرية، ولا شكَّ في أن هذا سيؤثر على طبيعته وشخصيته في المستقبل.
متى سيبدأ الطفل في إظهار علامات الجوع والشبع؟
يبدأ الأطفال الرضع في إظهار علامات الجوع والشبع وغيرها بعد الولادة مباشرة، فهي سلوكيات فطرية لديهم.
ولكن الأمر الأهم من هذا هو متى ستبدأ الأم بفهم علامات الجوع والشبع لدى طفلها؟
قد تجد الأم صعوبة في بداية الأمر، وقد تحتاج إلى بعض الوقت حتى تتمكن من فهم علامات الجوع والشبع التي يظهرها طفلها الرضيع، ولكن لا شكّ في أنها ستتمكن في النهاية من فهم لغة الجسد الخاصة بطفلها.
كل ما عليها القيام به هو ألا تملّ، بل تصبر وتحاول أن تتعرف إلى طفلها من قريب، وتراقب حركاته حتى تبدأ بفهمه جيداً.
علامات الجوع عند الطفل الرضيع
تعتقد بعض الأمهات وبشكل خاطئ إن البكاء هي الإشارة الوحيدة التي تدل على جوع الطفل من عدمه، وهذا كما ذكرنا فهمٌ خاطئ. فالبكاء قد يكون آخر المراحل التي يصل إليها الطفل في أثناء تعبيره عن جوعه وحاجته للإرضاع.
ولذلك على الأم أن تتقن علامات الجوع لدى طفلها كي تستطيع أن تغذيه وترضعه دون أن تصل به إلى مرحلة الضجر والانزعاج فيبكي بكاءً شديداً، يمنعه حتى من الرضاعة نفسها.
والعلامات التي قد تدل على جوع الطفل الرضيع في المراحل الأولى من حياته:
- تحريك الرأس يميناً ويساراً وكأنه يبحث عن الثدي.
- توجيه رأسه نحو الثدي مباشرة عند حمله.
- فتح فمه وإغلاقه.
- عمل حركات المص بشفتيه.
- إخراج لسانه.
- تحريك يديه نحو فمه، ووضع أصابعه أو يديه كاملاً داخل فمه.
- جعل يديه مقبوضتين.
- تحريك اليدين والذراعين في الاتجاهات المختلفة.
- وآخر نقطة هي البكاء
وعندما يكبر الطفل قليلاً ويصبح قادراً على الحركة أكثر (بعد حوالي 6 أشهر) قد يبدي علامات أخرى للجوع مثل:
- الإشارة إلى الطعام أو الثدي.
- التحمس عند رؤية الطعام.
- فتح فمه عند تقديم الطعام.
البكاء ليس علامة خاصة بالجوع
يجب عدم اعتبار البكاء علامة خاصة بالجوع والرضاعة فقط، فالبكاء هو وسيلة التعبير الأخيرة للطفل عن كل ما يحتاجه، وليس للتعبير عن الجوع فقط.
وفي معظم الأحيان قد يكون من السهل معرفة ما يريده الطفل من البكاء، إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون الأمر أكثر صعوبة.
ومن الأسباب الأكثر شيوعاً لبكاء الطفل:
- الجوع وحاجته للرضاعة
- انزعاجه من حفاضه ورغبته في تغييرها
- الشعور بالبرد أو بالحرارة
- رغبته في الحصول على حضن
- المغص
- الارتجاع المعدي المريئي
- الشعور بالتعب
هل يجب إرضاع الطفل الرضيع كلّما أظهر علامات الجوع؟
نعم، يُنصَح بذلك، فبمجرد ملاحظة الأم لواحدة من هذه العلامات عليها أن تسرع في إرضاع طفلها وتلبية حاجته.
ويسمى هذا النوع من الرضاعة بـ "الرضاعة عند الطلب" أو "الرضاعة عند الإشارة". وقد ارتبطت الرضاعة بناءً على طلب الطفل بدلاً من الرضاعة المجدولة بمعدلات رضاعة أعلى، وبزيادة فرص استمرار الرضاعة الطبيعية، وبسرعة استعادة الوزن الذي كان عليه الطفل عند الولادة.
وبشكل عام إذا لم ينصح طبيب الأطفال بجدولة وجبات الرضاعة للطفل الرضيع بسبب حالة طبية معينة كنقص الوزن، فحينها يُنصح باتباع نظام الرضاعة عند الإشارة (الرضاعة عند الطلب).
ويختلف نظام الرضاعة من طفل إلى آخر، فبعض الأطفال قد يفضل تناول كميات صغيرة على فترات قصيرة، بينما قد يفضل البعض الآخر تناول كميات أكبر على فترات أطول.
وقد تستغرب بعض الأمهات من أن طفلها يطلب الرضاعة عدة مرات خلال مدة زمنية قصيرة، وهذا أمر طبيعي ولا يدعو للقلق.
حيث يسمى هذا النوع من الرضاعة بالرضاعة المجمعة، وفيه يرضع الطفل عدة مرات خلال مدة قصيرة، ليأخذ بعد ذلك فترة راحة طويلة.
بشكل عام يبدأ معظم الأطفال في إطالة المسافة بين فترات الرضاعة عندما يكبرون ويزداد حجم معدتهم. حيث يرضع الأطفال حديثي الولادة كل 2-3 ساعات (من 8-12 مرة خلال 24 ساعة)، وبحلول الشهرين من العمر
يرضع معظم الأطفال كل 3-4 ساعات (7-9 مرات خلال 24 ساعة)، وبحلول الست أشهر من العمر يرضع معظم
الأطفال كل 4 إلى 5 ساعات.
وليس من الضروري أن تتوزع عدد المرات التي يرضع فيها الطفل بشكل متساوٍ بين الصباح والمساء.
ستحتاج الأم إلى أن تبحث عن علامات الجوع عند طفلها كل ساعة أو ساعتين بالنسبة للأطفال حديثي الولادة وكل 3-4 ساعات بالنسبة للأطفال الرضع الأكبر سناً.
الطفل بدأ يظهر علامات الجوع بشكل متكرر أكثر
قد يظهر الطفل الرضيع في بعض الفترات علامات الجوع بشكل متكرر أكثر، وتزداد حاجته إلى الرضاعة أكثر.
وتسمى هذه الفترات بطفرات النمو، حيث تزداد فيها سرعة نمو الطفل وتزداد معها حاجته إلى الغذاء لينمو بشكل سليم.
وتحدث طفرات النمو غالباً في عمر 3 أسابيع، 3 أشهر، و6 أشهر. وقد تأتي أبكر أو تتأخر أكثر عند بعض الأطفال.
وفي هذه الفترات غالباً ما تشعر الأم بأن حليبها قد بدأ لا يكفي طفلها الرضيع، وقد تصاب بعض الأمهات بالفزع وتهرع إلى الاستعانة بالرضاعة الاصطناعية لسد حاجة طفلها.
وهذا بالطبع لا يُنصَح به، فطفرات النمو هي مراحل طبيعية خلال حياة الطفل الرضيع، وباستمرار رضاعة الطفل بشكل متكرر في هذه الفترات سيبدأ الثدي بإنتاج كميات أكثر وأكثر من الحليب لتسد حاجة الطفل إلى الغذاء دون الاستعانة بالرضاعة الاصطناعية.
وذلك لأن الرضاعة الاصطناعية قد تؤثر بالسلب على عملية الرضاعة الطبيعية وتؤدي إلى فطام الطفل بشكل أسرع.
وبمجرد أن يتمكن الثدي من إفراز كميات كافية من الحليب سيبدأ روتين الرضاعة يعود إلى حالته الطبيعية ويبدأ بالانتظام من جديد.
ماذا إذا كان الطفل لا يظهر أي علامة من علامات الجوع؟
في بعض الحالات قد لا يظهر الطفل الرضيع علامات للجوع، وفي هذه الحالة ستكون على الأم تنظيم إرضاع طفلها بشكل من الأشكال.
حيث يجب أن يرضع الطفل الرضيع 8-12 مرة في اليوم على الأقل، ولذلك في مثل هذه الحالة يجب على الأم أن تقوم بإيقاظ طفلها كل 2-3 ساعات لتقوم بتغذيته إذا لم يستيقظ بمفرده.
علامات الشبع عند الطفل الرضيع
كما قلنا أن وسيلة التحدث الرئيسية بين الأم وطفلها هي الإيماءات والحركات، ومن الأمور المهمة التي تحتاج الأم أن تتفرس فيها وتتقن فهمها لدى طفلها هي سلوكه عند الإشباع.
حيث إنه من الضروري جداً الاستمرار في إرضاع الطفل حتى يشبع، ليتمكن من الحصول على ما يحتاج إليه من الغذاء لينمو بشكل سليم.
وبشكل عام تزداد قدرة الأطفال الرضع على الرضاعة بكميات أكثر وبتواتر أقل مع تقدمهم في العمر، وذلك بناءً على زيادة حجم معدتهم مع الزمن.
وليس من الضروري أن يظهر كل الأطفال السلوك ذاته عند الشبع، ومن علامات الشبع ما يلي:
- استرخاء اليدين وعضلات الوجه.
- التوقف عن إظهار علامات الجوع عند الاستيقاظ.
- ترك ثدي الأم بشكل تلقائي.
- الاستدارة بالرأس بعيداً عن الثدي.
- إغلاق الفم.
وعندما يتقدم الطفل أكثر في العمر ويصبح قادراً على الحركة (بعد 6 أشهر) قد يظهر علامات أخرى مثل:
- الرغبة في اللعب والحركة بعد الرضاعة
- إغلاق الفم عند تقديم الطعام إليه.
- دفع الطعام بعيداً بيديه
ويمكن معرفة إذا ما كان الطفل يحصل على ما يكفي من الطعام أو لا من خلال مراقبة حفاضاته المبللة أيضاً.
ففي الأيام القليلة الأولى يجب أن يبلل الطفل حفاضتين إلى ثلاث حفاضات كل يوم، وبمجرد أن يبلغ الطفل من العمر 4 إلى 5 أيام يجب أن يبلل 5-6 حفاضات على الأقل كل يوم.
وهكذا نكون قد تعرفنا على علامات الجوع والشبع عند الأطفال الرضع بنوع من التفصيل، مع بعض التوصيات التي قد تساعد على القيام بإرضاع الأطفال بأفضل شكل ممكن.
إرسال تعليق