هل هناك علاقة بين الوزن الزائد وضعف الخصوبة عند الرجال؟ هل يمكن أن يؤدي فقدان الوزن الزائد إلى زيادة الخصوبة؟ هل من المعقول أن يؤدي فقدان الوزن الزائد إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية عند الرجال؟
هذا ما سنعرفه معاً خلال هذا المقال ...

تأثير الوزن الزائد والسمنة على خصوبة الرجال
تحولت السمنة والوزن الزائد اليوم إلى وباء عالمي، وهو يجتاح المجتمعات البشرية في كل مكان، وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعاني من السمنة، 650 مليون شخص بالغ و 340 مليون مراهق و39 مليون طفل.
وتؤثر السمنة والوزن الزائد بشكل سلبي على جميع أجهزة الجسم المختلفة، مثل القلب والكبد والكلى والمفاصل وغيرها.
وكما وتزيد السمنة والوزن الزائد من مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة والخطيرة والمميتة.
بالإضافة إلى هذا تعتبر السمنة والوزن الزائد من عوامل الخطر الأساسية للعقم عند الرجال والنساء معاً.
وقد بينت الدراسات والأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد -الرجال والنساء- تكون درجات الخصوبة لديهم منخفضة، وتقل قابليتهم للإنجاب.
حيث تؤثر السمنة والوزن الزائد على جودة السائل المنوي لدى الرجال، وتقلل من عدد الحيوانات المنوية لديهم، وتضعف قدرتها على الحركة إلى الأمام.
وتأثير السمنة والوزن الزائد على الخصوبة هو أكثر ما يخوّف الرجال والنساء، ويجعلهم يتساءلون: هل التأثيرات السلبية للسمنة والوزن الزائد على الخصوبة والحيوانات المنوية دائمة؟ أم أنه يمكن أن يؤدي فقدان الوزن الزائد إلى زيادة الخصوبة وزيادة عدد الحيوانات المنوية؟
فقدان الوزن الزائد قد يؤدي إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية
لحسن الحظ وجدت دراسة حديثة أنه يمكن عكس التأثيرات السلبية للسمنة والوزن الزائد على درجة الخصوبة وأعداد الحيوانات المنوية عند الرجال.
حيث وجد باحثون من جامعة كوبنهاغن الدنماركية University of Copenhagen، ومستشفى هفيدوفر Hvidovre Hospital، أن الرجال الذين يعانون من السمنة يمكنهم بفقدان الوزن الزائد والمحافظة على الوزن الجديد تحسين جودة السائل المنوي وزيادة عدد الحيوانات المنوية لديهم.
وبالطبع تحسين جودة السائل المنوي وزيادة عدد الحيوانات المنوية يؤدي إلى زيادة الخصوبة وزيادة القدرة على الإنجاب، حيث بينت العديد من الدراسات أن زيادة عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال يساهم في تحقيق الحمل بشكلٍ أسرع.
وقد نُشِرت نتائج هذه الدراسة التي بحثت العلاقة بين فقدان الوزن الزائد وزيادة درجة الخصوبة عند الرجال في مجلة Human Reproduction المعروفة، والتي تتمتع بسمعة عالية في مجال الخصوبة.
تفاصيل الدراسة
شارك في الدراسة 47 رجلاً يعانون من السمنة، تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 65 عاماً، وتتراوح مؤشرات كتلة أجسامهم ما بين 32 إلى 43.
تم في البداية إخضاع جميع الرجال المشاركين لنظام غذائي منخفض السعرات الحرارية (800 سعرة حرارية في اليوم) لمدة ثمانية أسابيع.
ثم بعد ذلك تم توزيعهم بشكل عشوائي في 4 مجموعات، وتم إعطاء كل مجموعة توصيات يجب عليها الالتزام بها لمدة عام كامل:
- مجموعة تتلقى دواءً للسمنة وتمارس التمارين الرياضية.
- مجموعة تتلقى دواءً للسمنة ولا تمارس التمارين الرياضية.
- مجموعة تتلقى علاجاً وهمياً وتمارس التمارين الرياضية.
- مجموعة تتلقى علاجاً وهمياً ولا تمارس التمارين الرياضية.
المجموعات التي طُلبِ منها ممارسة التمارين الرياضية، كان عليها ممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من التدريب البدني المعتدل أو 75 دقيقة من التدريب البدني الشاق أو مزيجاً من كليهما كل أسبوع.
والمجموعات التي لم يُطلب منها ممارسة التمارين الرياضية، أبقت على مستوى نشاطها البدني المعتاد خلال اليوم دون أي تغيير.
وقد تم أخذ عينات السائل المنوي من الرجال المشاركين قبل البدء بالتجربة، وفي نهاية ثمانية أسابيع من تطبيق نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، وأيضاً بعد 52 أسبوعاً من التجربة (أي بعد عامٍ واحد).
نتائج الدراسة
وجد الباحثون أنه باتباع نظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية لمدة ثمانية أسابيع، تمكن جميع الرجال المشاركين في الدراسة من فقدان ما متوسطه 16.5 كغ من أوزانهم.
ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الرجال لم يكتفوا بفقدان الوزن فقط، وإنما تحسن أيضاً جودة السائل المنوي لديهم، حيث زاد تركيز الحيوانات المنوية لديهم بنسبة 50%، وتحسنت أعداد الحيوانات المنوية الخاصة بهم بنسبة 40%.
وبعد عام واحد من المتابعة والالتزام بالبرنامج الذي تم وضعه، لاحظ الباحثون أن المجموعة التي مارست الرياضة دون دواء السمنة، والمجموعة التي تلقت دواءً للسمنة دون ممارسة الرياضة احتفظ أفرادهما بالوزن الذي كانوا قد وصلوا إليه في نهاية الأسابيع الثمانية بعد تطبيق حمية غذائية منخفضة السعرات الحرارية.
ووجدوا أن المجموعة التي مارست التمارين الرياضية وتلقت دواءً للسمنة تمكن أفرادها من فقدان أوزان إضافية، وتحسّنت صحتهم أكثر.
وتم ملاحظة أن جودة السائل المنوي وأعداد الحيوانات المنوية لدى الرجال في هذه المجموعات الثلاثة -الذين تمكنوا من المحافظة على الوزن الذي فقدوه، أو تمكنوا من فقدان أوزان إضافية- استمرت بالبقاء متحسنة على مدار العام.
حيث كان لدى هؤلاء الرجال بعد عام من المتابعة ضعف عدد الحيوانات المنوية بالمقارنة عمّا كانت عليه قبل فقدان الوزن.
أما المجموعة التي تلقى أفرادها العلاج الوهمي فقط، اكتسب أفرادها من جديد معظم كيلوغرامات الوزن التي كانوا قد فقدوها نتيجة النظام الغذائي الفقير بالسعرات الحرارية.
ولاحظ الباحثون أن هؤلاء الرجال خسروا مع اكتساب الوزن التحسينات التي كانت قد حصلت في السائل المنوي لديهم عند فقدان الوزن، حيث انخفضت أعداد حيواناتهم المنوية من جديد.
فنجد إنه يمكن للرجال الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد تحسين جودة السائل المنوي الخاص بهم وزيادة عدد حيواناتهم المنوية بفقدان الوزن الزائد، وهذا يعني بدوره زيادة الخصوبة وزيادة فرص الإنجاب.
ولكن هناك شرط واحد لاستمرار هذا التحسن في السائل المنوي، وهو المحافظة على الوزن الجديد دون اكتساب ما تم فقده مرة أخرى.
ما سب هذا التأثير الإيجابي لفقدان الوزن على جودة السائل المنوي
لا يزال السبب وراء التأثير الإيجابي لفقدان الوزن الزائد على تحسين جودة السائل المنوي وزيادة عدد الحيوانات المنوية وزيادة الخصوبة عند الرجال غير واضح تماماً.
ولكن يعتقد الباحثون أن الرجال الذين يعانون من السمنة والوزن الزائد، تكون لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون بالمقارنة مع الرجال النحيفين.
حيث أن الأنسجة الدهنية الزائدة الموجودة لدى هؤلاء الرجال تقوم بتحويل هرمون التستوستيرون الذكري إلى هرمون الاستروجين النسائي.
وهو ما قد يفسر سبب التأثير السلبي للسمنة والوزن الزائد على درجة الخصوبة وجودة السائل المنوي وعدد الحيوانات المنوية لديهم.
وبالتالي فإن فقدان الوزن سينتج عنه زيادة مستويات هرمون التستوستيرون الذكري مقابل انخفاض مستويات هرمون الاستروجين النسائي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الخصوبة والقدرة على الإنجاب.
الكلام الأخير
هذه الدراسة تقدم أملاً جديداً للرجال المصابين بالسمنة والوزن الزائد، وتبين أن التأثيرات السلبية للسمنة على جودة السائل المنوي وعدد الحيوانات المنوية قابلة للعكس بفقدان الأوزان الزائدة والمحافظة على الوزن الجديد.
ومن الجدير بالذكر أن الدراسات التي أُجريت على النساء المصابات بالسمنة والوزن الزائد أيضاً بينت أن فقدان الوزن الذي تم تحقيقه من خلال الجمع بين تدخلات النظام الغذائي والتمارين الرياضية كان مرتبطاً بزيادة معدلات الحمل.
يكمن الاطلاع على تفاصيل الدراسة بالضغط هنا.
مصدر الصورة: Freepik
إرسال تعليق