إن الحمل رحلة طويلة وشاقة، وهي رحلة تستحق الاستعداد والتخطيط المسبق لها لضمان اجتيازها بسلام، والوصول لبر الأمان.
والتخطيط للحمل هي خطوة أساسية في فترة ما قبل الحمل، ويجب على كل امرأة ترغب بالحمل، وإنجاب طفلٍ التنبه لذلك والقراءة عنه.
فالمرأة إذا بدأت الحمل وهي بكامل استعدادها النفسي والجسدي، وبحوزتها كل المعلومات المتعلقة بتلك المرحلة، والتفاصيل الخاصة بكل ما هو مسموح أو ممنوع فيه، فحتماً ستضمن لنفسها التمتع بحمل صحي أكثر، سواءً من الناحية الجسدية أو من الناحية النفسية.
ولأجل هذا نضع هنا بين يديك دليلاً مبسطاً في التخطيط للحمل، وتنظيم مرحلة ما قبل الحمل، مع نصائح وتوصيات تساعدك على زيادة الخصوبة، وزيادة فرص الحمل قدر الإمكان.

التخطيط للحمل وتوصيات هامة لزيادة فرص الحمل
في الحالات العادية تبدأ المرأة بالاهتمام بنفسها، وبنظامها الغذائي، وباستشارة طبيبها عند بداية الحمل، ولكن هل هذا هو الصواب؟
في الحقيقة لا، يجب عليها أن تبدأ بكل هذا قبل بداية الحمل، أي يجب عليها أن تدخل مرحلة الحمل وهي مستعدة جسدياً ونفسياً لذلك.
وهذا بالطبع لا يكون إلا بالتخطيط المناسب للحمل، فيجب أن تكوني على علم بأن هنالك بعض النصائح والتوصيات التي يجب عليك اتبعاها، والالتزام بها عند التخطيط خلال فترة ما قبل الحمل، للحصول على حمل صحي وطفل سليم، وزيادة فرص الحمل بإذن الله. وهي:
التوقف عن استخدام وسائل منع الحمل

عند التخطيط للحمل، يجب عليك قبل كل شيء التوقف عن استخدام جميع وسائل منع الحمل.
ويجب أن تعرفي أن عودة دورتك الشهرية لشكلها النظامي بعد التوقف عن وسائل منع الحمل قد يستغرق بعض الوقت، وذلك يختلف باختلاف الوسيلة التي كنت تلتزمين بها لمنع الحمل.
البدء باستخدام مكملات حمض الفوليك

توصي معظم المؤسسات الطبية بضرورة البدء بتناول مكملات حمض الفوليك قبل بداية الحمل بثلاثة أشهر على الأقل.
حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أن استهلاك حمض الفوليك قبل الحمل يساعد على حماية الطفل من الإصابة بعيوب وتشوهات الأنبوب العصبي الخلقية.
ويُنصح بالاستمرار في استخدامها خلال الثلث الأول من الحمل أيضاً.
ولذلك ننصحك بالانتباه لهذا الأمر عند التخطيط للحمل، للحصول على الفائدة المرجوة من تناول مكملات حمض الفوليك.
قد تجدين في بعض المصادر أن بعض المؤسسات الطبية توصي بتناول حمض الفوليك قبل الحمل بشهر على الأقل.
أما بالنسبة للجرعة الموصى بها لمعظم النساء فهي 400 ميكروغرام يوميا، ولكن توجد بعض الحالات الأخرى التي قد يُنصح فيها بتعاطي جرعات أعلى، ولذلك يُفضل استشارة الطبيب قبل البدء بتناولها.
ولا تقلقي أبداً من استخدام مكملات حمض الفوليك لفترات طويلة، ولا تخافي من أنها قد تؤثر سلباً على حملك، فحمض الفوليك عبارة عن فيتامين يذوب في الماء، ويتخلص الجسم من الكمية الفائضة منه عن طريق البول ولا يقوم بتخزينه.
أما إذا لم تتمكني من البدء بتناول مكملات حمض الفوليك قبل الحمل لسبب من الأسباب، كأن تكون قد نسيتي ذلك أو أن تكون قد حملتي بدون تخطيط، فيُنصح بالبدء بتناولها مباشرةً بعد إدراكك للأمر.
تناول فيتامينات ما قبل الحمل

على الرغم من أن المرأة التي تتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً لا تحتاج أن تتناول مكملات فيتامينات ما قبل الحمل، إلا أنه قد ينصح طبيبك بتناولها عند التخطيط للحمل وذلك تفادياً لحدوث أي نقص في مستويات الفيتامينات والمعادن لديك.
قد ترغبين أيضاً بقراءة مقال: فيتامين د أثناء الحمل قد يحمي الأطفال الرضع من الأكزيما
الإقلاع عن التدخين وتجنب التعرض للتدخين السلبي

ومما يجب عليك الانتباه إليه عند التخطيط للحمل، هو التدخين والتدخين السلبي.
حيث يعدّ التدخين من أسوأ العادات البشرية، وأكثرها ضرراً على صحة الإنسان. فهي تزيد من مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة والخطيرة.
وهي المسؤولة رقم واحد عن أعداد كبيرة من الوفيات في جميع أنحاء العالم سنوياً.
والتدخين له أيضاً تأثير سلبي على درجة الخصوبة لدى الإنسان، فهو يقلل الخصوبة ويصعّب الحمل.
كما وله أضرار كثيرة على صحة الحامل والجنين، إذ يمكن أن يسبب الإجهاض، أو يؤدي لولادة مبكرة، أو يتسبب في انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
كما وتشير الدراسات إلى وجود دور للتدخين في زيادة مخاطر الإصابة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ.
لذلك إذا كنت ممن يدخنون، يجب عليك الإقلاع عن التدخين قبل الحمل، وذلك لزيادة الخصوبة، وتسهيل الحمل وزيادة فرصها، وضمان الحصول على حمل صحي، وولادة جنين سليم.
فإن كنتي تواجهين صعوبة في الإقلاع عن التدخين بمفردك يمكنك استشارة الطبيب المختص ليساعدك على ذلك.
كما يجب عليك الابتعاد قدر الإمكان عن الأماكن التي يتم التدخين فيها، وذلك لأن ضرر التدخين السلبي عليك وعلى حملك لا يقل عن ضرر التدخين المباشر.
ويجب عليك أن تكوني قوية في منع الآخرين من التدخين بجانبك، سواء خلال فترة ما قبل الحمل، أو خلال الحمل نفسها، فأنت بذلك تحمين نفسك وجنينك من أي مشاكل صحية قد تنتج عن ذلك.
قد يفيدك قراءة مقال: ما يجب عليك أن تعرفيه عن التدخين التراكمي (التدخين الثالثي)
الامتناع عن شرب الكحول المحرمة

شرب الكحول محرّم في الإسلام، وهو يؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان. كما وله أضرار كثيرة على صحة الحامل والجنين، سواءً على المدى القريب أو البعيد.
ولأجل ذلك يجب عليك الامتناع كلياً عن تعاطي الكحول المحرّمة قبل الحمل.
استهلاك الكافيين بشكل معتدل

عند التخطيط للحمل يجب عليك أن تتوقفي عن استهلاك كميات كبيرة من الكافيين، سواءً خلال فترة ما قبل الحمل، أو خلال فترة الحمل نفسها.
وذلك لأن بعض الدراسات أكّدت على أن تناول كميات كبيرة من الكافيين قد يزيد من خطر الإجهاض.
ويُنصح باستهلاك ما لا يزيد عن ٢٠٠ مليغرام من الكافيين يوميا، وهو يوجد في العديد من المشروبات والأطعمة مثل الشاي، والقهوة، والكاكاو.
ممارسة التمارين الرياضية

فوائد الرياضة لا تخفى على أحد، ويجب على المرأة التي تخطط للحمل أيضاً أن تقوم بممارسة التمارين الرياضية لما قد يعود ذلك بالنفع عليها وعلى حملها.
ويُنصح بممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة لمدة لا تقل عن 150 دقيقة في الأسبوع، أي 30 دقيقة في خمسة أيام من الأسبوع.
ومن أهم التمارين التي يُنصح بها خلال فترة الحمل وماقبلها السباحة، والمشي.
في حين يجب الحذر من ممارسة التمارين الرياضية العنيفة خلال هذه الفترة.
اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن

إنّ طبيعة غذاءك ينعكس على خصوبتك وعلى حملك أيضاً، ولذلك عند التخطيط للحمل يجب عليك أن تحرصي على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وأن تبتعدي عن استهلاك ما قد يكون له أثر سلبي على حملك وطفلك.
وبشكل عام يوصى بزيادة استهلاك الخضروات، والفواكه، و والحبوب الكاملة، والدهون الصحية، والتقليل من استهلاك السكريات، والملح، والوجبات السريعة، والمشروبات الغازية.
ويُنصح بتجنب استهلاك اللحوم النيئة أيضاً.
شرب كميات كافية من الماء

يجب عليك أن تشربي كميات كافية من الماء كل يوم، سواءً خلال فترة ما قبل الحمل، أو خلال فترة الحمل نفسها.
ويمكنك معرفة كمية الماء التي تحتاجين إليها يومياً بحسب وزنك وطولك وجنسك وإذا ما كنتي حامل أو لا من خلال حاسبة كمية المياه التي يحتاج إليها الجسم يومياً.
المحافظة على وزن صحي ومثالي

بقراءتك لهذا العنوان، قد تظنين للوهلة الأولى إننا ننصحك بالوقاية من الوزن الزائد؟
ولكن في الحقيقة نحذرك من الوزن الزائد وأيضاً الوزن المنخفض في نفس الوقت.
فالوزن الزائد وكذلك الوزن المنخفض كلاهما يؤثران بشكل سلبي على الخصوبة، وقد يمنعان الحمل.
وحتى وإن حصل الحمل رغم الوزن الزائد أو الوزن المنخفض فسيكونان سبباً لحصول الكثير من مضاعفات الحمل لديك.
لذلك عند التخطيط للحمل قد تكوني مضطرة لخسارة بعض الوزن، أو الحصول على بعضه.
ويجب عليك أن تكوني حريصة على بقاء وزنك ضمن النطاق الصحي الموصى به، وعادة ما يقيَّم الوزن الصحي للإنسان بحسب مؤشر كتلة الجسم لديه.
ويمكنك معرفة نطاق الوزن الصحي الموصى به من خلال حاسبة الوزن الصحي للجسم، كما ويمكنك معرفة الوزن المثالي لك من خلال حاسبة الوزن المثالي للجسم.
وأيضاً يمكنك الاستعانة بـ حاسبة مؤشر كتلة الجسم لتقييم وزنك.
وقد ترغبين أيضاً بالاطلاع على المقال التالي: أفضل الطرق وأسهلها لمعرفة الوزن الصحي والمثالي للجسم
مراجعة طبيب الأسنان

من المهم في مرحلة التخطيط للحمل زيارة طبيب الأسنان للتأكد من صحة الأسنان، حتى وإن لم تكوني تعانين من أيّة مشاكل في أسنانك ولثتك.
وذلك للكشف المبكر عن المشاكل، وإصلاحها قدر الإمكان قبل حصول الحمل، وذلك لأن مشاكل الأسنان تزداد خلال فترة الحمل، وتؤثر على نفسية الحامل وصحة الحمل.
الابتعاد عن الملوثات البيئية والمواد السامة

أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث الطبية وجود تأثير سلبي للملوثات البيئية والمواد السامة على درجة الخصوبة، وكذلك على صحة كل من الحامل والجنين.
لذلك من الضروري الابتعاد عن المواد الكيميائية الضارة، والأماكن الملوثة بدخان المصانع والسيارات سواءً خلال فترة ما قبل الحمل، وخلال فترة الحمل نفسها.
كما ويُنصح بتجنب التعرض للأسمدة والمبيدات الحشرية وبراز القطط.
الحصول على نوم صحي وكافي

يجب عليك أن تكوني حريصة على أن تحصلي على نوم جيد ولمدة كافية سواءً خلال فترة ما قبل الحمل، أو خلال فترة الحمل نفسها.
وقد يفيدك قراءة المقالات التالية للحصول على نصائح بخصوص المدة الكافية للنوم، وتوصيات من اجل الحصول على نوم جيد خلال الليل:
عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان حسب الفئة العمرية
من الجيد استشارة الطبيب عند التخطيط للحمل

قد يكون من المفيد أن تقومي باستشارة طبيب مختص عند التخطيط للحمل، ليساعدك على التخطيط لحملك، وتنظيم دورتك الشهرية، وتحديد أيام الإباضة لديك.
كما ويمكنك استشارته بخصوص الأمراض المزمنة التي تعانين منها، ومدى تأثيرها على خصوبتك وحملك، مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الغدد الصماء، والأمراض المنقولة جنسياً.
كما ويجب عليك إعلام الطبيب بالأدوية التي تتعاطينها، والأعشاب التي تتناولينها باستمرار. وذلك لأن بعض الأدوية قد يجب التوقف عن استخدامها، أو قد يتم تغييرها ببدائل آمنة خلال فترة الحمل.
وكذلك عليك إخباره بالأمراض الوراثية الموجودة في عائلتك أو عائلة زوجك (إن كانت موجودة)، وبالمشاكل التي واجهتك خلال حملك السابق.
وعليك أن تعلمي أنه هنالك بعض الأمراض التي يجب أن تكون محصنةً ضدها لكي لا تؤثر سلباً على حملك، ولذلك يمكنك الاستفسار عن اللقاحات التي يجب عليك أخذها والتأكد منها في اقرب مركز صحي يمكنه إجراء الفحوصات اللازمة لك.
بالإضافة إلى كل هذا يمكنك سؤال الطبيب عن مدى إمكانية تربية حيوان أليف في بيتك، إن كنتي أنت أو أحد من أفراد عائلتك ممن يربون الحيوانات.
البواسير والشق الشرجي
إذ كنت تعانين من حالة بواسير أو شق شرجي، فإننا ننصحك بأن تقومي بمعالجتها واستشارة الطبيب المختص بشأنها قبل الحمل.
حيث أنه من المعروف أن الحمل قد يسبب في تفاقم البواسير والشقوق الشرجية، وبالتالي زيادة الشعور بالألم والتسبب بعدم الراحة.
الصحة النفسية
بعد الأخذ بالأسباب، واتباع النصائح والتوصيات المذكورة في الأعلى، يجب عليك التوكل على الله، والابتعاد عن القلق والتوتر سواءً لأسباب عامة أو أسباب تتعلق بتأخر الحمل وعدم الإنجاب.
حيث أن الصحة النفسية للمرأة تنعكس على صحة جسمها، وتتسبب في حدوث تغيرات هرمونية فيها، حتى أنها قد تؤثر سلباً على الخصوبة وعلى إمكانية الحمل.
متى يجب أن تسألي عن تأخر الحمل
عليك أن تعلمي أنه ليس من الضروري أن يحصل الحمل بمجرد أن تقرري ذلك وتخططين له، فبعض النساء قد تحبلن في الشهر الأول، وعند أول علاقة، وفي المقابل بعضهن الآخر قد يتأخر الحمل لديهن لعدة شهور.
حيث أن نسبة الحمل تزداد كل شهر عن الذي يسبقه، و 90% من النساء تحبل خلال العام الأول.
أما بخصوص سؤال متي يجب أن تستشيري الطبيب عن تأخر الحمل لديك:
يمكنك استشارة الطبيب عند عدم حدوث الحمل بعد سنة من اتباعك للنصائح السابقة، والتزامك بعلاقة زوجية منتظمة.
وإن كان عمرك أكثر من ٣٥ سنة، فيمكنك مناقشة موضوع تأخر الحمل مع الطبيبة المختصة عند عدم حدوث الحمل بعد ستة أشهر فقط من اتباع التوصيات والالتزام بالعلاقة الزوجية المنتظمة.
عدد لا بأس به من التوصيات المذكورة في الأعلى تنطبق على الزوج كذلك إذا أراد زيادة خصوبته، إذ يجب عليه أيضاً أن يمتنع عن شرب الكحول، والتدخين،وأن يتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، وأن يمارس التمارين الرياضية ويحافظ على الوزن الصحي.
هكذا نكون قد تحدثنا عن كل ما يخص التخطيط للحمل، وتنظيم مرحلة ما قبل الحمل، بالإضافة إلى بعض الأمور التي تساعد على زيادة الخصوبة عند المرأة، وزيادة فرص الحمل لديها.
إن هذه التوصيات والعوامل التي ذكرناها هنا كلها خطوات مهمة، يجب على المرأة التي ترغب في الحمل مراعاتها والالتزام بها قدر الإمكان.
إرسال تعليق