فوائد القيلولة بعد الظهر وأضرارها

يبدو أن الساعة البيولوجية للإنسان معيرة بشكل يحتاج فيها كل البشر إلى أخذ قيلولة قصيرة في فترة ما بعد الظهر.

حيث يشعر معظمنا بنوع من التعب والنعاس في تلك الفترة، حتى أولئك الذين لا يقيلون فإنهم يقاومون رغبة بداخلهم تحاول أن تقنعهم بأخذ قسط من الراحة في فترة الظهيرة.

ولكن عندما يأتي أحدهم ليحاول أن يأخذ قيلولة قصيرة، فإنه يصطدم بكم هائل من الشائعات والمعلومات الخاطئة المتعلقة بـ النوم بعد الظهر، فيحاول بشتى الوسائل التهرب منها.

فهل حقاً القيلولة مضرة بالصحة كما يعتقد البعض؟ ما هي أضرار القيلولة المحتملة؟ وهل حقاً النوم بعد الظهر يؤثر سلباً على نوم الإنسان ليلاً؟

أم أنّ للعلم كلامٌ آخر حول نوم القيلولة؟ هل من الممكن أن تكون للقيلولة فوائد؟

سنحاول أن نناقش هنا الفوائد والأضرار المحتملة لقيلولة ما بعد الظهر، استناداً إلى آخر الدراسات والأبحاث التي جرت حول القيلولة وفوائدها وأضرارها.

القيلولة الصحية

قبل أن نتعمق في فوائد وأضرار القيلولة علينا أن نتفق أولاً على أنه هنالك قيلولة صحية، وقيلولة غير صحية.

ويتم تقييم صحة القيلولة من عدمها بناءً على عاملين أثنين، هما: مدة القيلولة، والوقت الذي يتم فيه أخذ القيلولة.

ولأننا تطرقنا في مقال: المدة المثالية والوقت الأفضل للقيلولة الصحية إلى هذا الموضوع بشكل مفصل، فإننا سنقتصر هنا على ذكر تعريف القيلولة الصحية بناءً على هذين المعيارين، لنعرف عمّا نتحدث عندما نذكر مصطلح "القيلولة الصحية".

القيلولة الصحية هي التي تستغرق ما بين 10-20 دقيقة، ولا تتجاوز 30 دقيقة، ويتم أخذها قبل منتصف ما بعد الظهر أي قبل حوالي الساعة الثانية ظهراً.

أما القيلولة التي لا تستوفي هذه المعايير فإننا نسميها بـ "القيلولة غير الصحية".

ولمن يرغب بالاطلاع على المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص يمكنه الرجوع إلى مقال المدة المثالية والوقت الأفضل من الرابط السابق.

فوائد القيلولة

أثبتت الدراسات والأبحاث أن قيلولة قصيرة وسريعة بعد الظهر يمكنها أن تقدم الكثير من الفوائد للإنسان، ومن هذه الفوائد ما يلي:

القيلولة الصحية تحسّن من أداء الإنسان

من أهم فوائد القيلولة هي ما أثبتته الدراسات المختلفة أن القيلولة الصحية يمكنها أن تحسّن من أداء الإنسان، وتجعله أكثر إنتاجية.

وتحسّن القيلولة من أداء الإنسان من خلال زيادة مستويات اليقظة، وتحسين سرعة الحركة، وتقليل مشاعر التعب والإرهاق، وتجديد مستويات الطاقة لديه.

القيلولة الصحية تعزز القدرة على التعلم

من الطبيعي أن تقل قدرات الإنسان على تعلم مهارات ومعلومات جديدة، وأن يقل استيعابه خلال اليوم.

ولكن أثبتت الدراسات أنّ من فوائد القيلولة الصحية بعد الظهر أنها تعزز من قدرة الإنسان على تعلم واستيعاب معلومات جديدة.

ولاحظ الباحثون أن هذا التحسّن في القدرة على التعلم تظهر آثاره بعد الاستيقاظ من القيلولة مباشرةً.

ومن المثير للدهشة أن فوائد القيلولة هذه تبدأ وتظهر حتى في سن مبكرة جداً.

فقد وجدت دراسة أُجريَت عام 2015 على 34 طفل رضيع في سن 16 شهراً، أن القيلولة أثناء النهار يمكنها أن تساعد في تعزيز تعلم الكلمات الجديدة في مرحلة الطفولة.

القيلولة الصحية تحسّن المزاج وتساعد على التحكم في المشاعر

ومن فوائد القيلولة الصحية بعد الظهر أنها تحسن من مزاج الإنسان، وتزيد من مستويات الإيجابية لديه.

وقد وجدت دراسة إن القيلولة يمكنها أن تحسّن من تحكم الإنسان بمشاعره، وتقلل الانفعال والاندفاع المتهور لديه، وتزيد من قدرته على تحمل الإحباط.

كما خلصت دراسة أخرى أن القيلولة يمكنها أن تقلل من مشاعر التوتر والقلق لدى الإنسان، حيث أنها تقلل من مستويات هرمون التوتر النورأدرينالين، ولاسيما عند الأشخاص المحرومين من النوم في الليلة الماضية.

القيلولة الصحية يمكنها أن تخفض من ضغط الدم

ويبدوا أن فوائد القيلولة الصحية لا تقتصر على تحسين المزاج وتعزيز القدرات التعليمية وزيادة النشاط فقط، بل يمكنها حتى أن تساهم في تخفيض ضغط الدم.

حيث وجدت دراسة تم تقديمها في الجلسة العلمية السنوية الثامنة والستين للكلية الأمريكية لأمراض القلب عام 2019، أن القيلولة أثناء النهار يمكنها أن تساهم في خفض مستويات ضغط الدم بنفس المقدار الذي يمكن أن تُحدثه التغييرات الأخرى في نمط الحياة.

حيث وجدت الدراسة أن قيلولة النهار يمكنها أن تخفض من مستوى ضغط الدم بمقدار 5 ملم زئبق، وهو تأثير مشابه لما يمكن أن يؤدي إليه تقليل استهلاك الملح أو الكحول، بل حتى الجرعة المنخفضة من الأدوية الخافضة للضغط، والتي تخفض مستويات الضغط بمقدار 5-7 ملم زئبق في المتوسط.

وانخفاض مستويات ضغط الدم بدوره يمكن أن يساهم في تقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية.

فوائد أخرى للقيلولة الصحية

وللقيلولة الصحية بعد الظهر فوائد أخرى تتمثل بـ:

• القيلولة الصحية يمكنها أن تساعد الإنسان على اتخاذ قرارات أصح وأفضل.
• النوم بعد الظهر يعزز نشاط ذاكرة الإنسان ويقويه، وقد وجدت دراسة أجريت عام 2020 إن القيلولة تعزز الذاكرة الترابطية، وتعين على تذكر ما تم تعلمه قبل أخذ القيلولة من معلومات، وتساعد على ربط هذه المعلومات بعضها ببعض لإعادة استخدامها فيما بعد بشكل أكثر مرونة.
• القيلولة الصحية تحسّن القدرة على التركيز والانتباه بعد الظهر.

نكتفي هنا بذكر هذا الكم من الفوائد، أما بالنسبة لأضرار القيلولة فهي كالتالي:

أضرار القيلولة

رغم الفوائد الكثيرة للقيلولة والتي ذكرناها في الأعلى، إلا أنها قد يكون لها أضرار أيضاً، ولاسيما إذا لم يلتزم الإنسان بمعايير القيلولة الصحية التي ذكرناها في الأعلى بشكل مختصر، وفي مقال المدة المثالية والوقت الأفضل للقيلولة الصحية بشكل مفصل.

كما إن القيلولة قد لا تكون محبذة عند مجموعة من الناس الذين يعانون من بعض الحالات المرضية الخاصة أو لديهم ظروف معينة، فيكونون عرضة لأضرار القيلولة بشكل أكبر.

إذا يمكن للقيلولة غير الصحية والتي تزيد عن 30 دقيقة على الأكثر أن تتسبب في شعور الإنسان بالدوار والارتباك بعد الاستيقاظ، وتزيد خموله وتعبه أكثر مما كان عليه قبل القيلولة، وذلك بسبب استيقاظه في المراحل العميقة للنوم.

وكلّما طالت مدة النوم في القيلولة، كلما احتاج الإنسان إلى المزيد من الوقت للاستيقاظ والعودة إلى العمل.

ومن أضرار القيلولة الأخرى أنه يمكن للقيلولة غير الصحية (الطويلة والمتأخرة) أن تؤدي إلى صعوبة في النوم ليلاً، ولاسيما عند أولئك الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو الذين يجدون بالفعل صعوبة في النوم ليلاً.

كما ارتبطت القيلولة الطويلة (وخاصة تلك التي تزيد عن 60 دقيقة) بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك زيادة حالات الوفيات من جميع الأسباب، وذلك وفقاً لتحليل تلوي تم إجرائه عام 2015.

يمكننا أن نلاحظ مما ذكرنا أن أضرار القيلولة قد تكون شائعة بشكل خاص على القيلولة الطويلة والمتأخرة في الوقت، وهذا بالطبع لا يُنصح بها.

الخلاصة

هكذا نكون قد تعرفنا على فوائد القيلولة وأضررها، وعرفنا أنه يمكن للإنسان أن يحصل على فوائد كثيرة بأخذ قيلولة قصيرة وسريعة بعد الظهر، تتراوح مدتها بين 10-20 دقيقة، ولا تتجاوز ال 30 دقيقة، ويتم أخذها قبل منتصف الظهر، أي قبل الساعة 2 ظهراً.

كما ويمكن تجنب أضرار القيلولة وآثارها السلبية بالامتناع عن أخذ قيلولة طويلة وفي وقت متأخر من النهار.

وبالطبع ليس بالضرورة أن يكون الإنسان متعباً ومرهقاً أثناء النهار ليأخذ قيلولة ويتحصل على فوائدها، بل يمكن للجميع أن يتحصلوا على هذه الفوائد الكثيرة للقيلولة على البدن والنفس والعقل، سواءً كان يشعرون بالتعب أو لا.

كما يمكن للإنسان أن يقلل من مشاعر التعب والإرهاق أثناء النهار بالحصول على نوم صحي وجيد في الليل، ولتعرفوا القواعد التي يجب الالتزام بها للحصول على نوم صحي ومفيد يمكنكم قراءة مقال: نصائح وإرشادات لنوم صحي ومريح.