هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على نوم الإنسان وجودته، وعلى مدى شعور الإنسان بالراحة والانتعاش والنشاط في اليوم التالي، وأحد أهم هذه العوامل هي درجة حرارة الجسم، ودرجة حرارة غرفة النوم.
فدرجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة بشدة يمكن أن تؤثر بشكل سلبي على جودة النوم ومدته.
حيث تشير إحدى الدراسات إلى أن التعرض لدرجات الحرارة العالية أو المنخفضة بشدة يرتبط ارتباطاً مباشراً بزيادة عدد مرات اليقظة أثناء النوم، وكذلك بانخفاض المدة التي يستغرقها الشخص في نوم حركة العين السريعة (REM). (1)
وبناءً على هذا قد تتساءل: ما هي أفضل درجة حرارة لغرفة النوم؟ وكيف يمكن أن أن تؤثر درجات الحرارة العالية أو الباردة على نوم الإنسان؟
ما هي أفضل درجة حرارة لنوم الأطفال الرضع؟
وهل تتغير درجة الحرارة المثالية للنوم مع التقدم في العمر؟
لتعرف الإجابات على هذه الأسئلة، وتصبح قادراً على تنظيم نومك بحيث تحصل على نوم جيد ولمدة كافية، تابع القراءة.
أفضل درجة حرارة لغرفة النوم
على الرغم من صعوبة تحديد درجة حرارة مناسبة لنوم جميع الأشخاص بشكل دقيق، إلا أن خبراء النوم يعتقدون أن درجة حرارة غرفة النوم المثالية قد تكون حوالي 18.3 درجة مئوية (أي حوالي 65 درجة فهرنهايت)، مع احتمالية وجود اختلاف بسيط من شخص لآخر.
ولهذا ينصح معظم الخبراء والأطباء بالحفاظ على درجة حرارة غرفة النوم ضمن نطاق يتراوح ما بين 15.6-19.4 درجة مئوية (60-67 درجة فهرنهايت) للحصول على نوم هانئ، وكافٍ، وأكثر راحة.
ويمكنك أن تقوم بتجربة درجات الحرارة التي تتراوح ضمن هذا النطاق الموصى به لتكتشف بنفسك درجة الحرارة التي تناسبك وتسمح لك بالنوم بشكل أفضل.
وقد وجد استطلاع أجرته مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية أن درجة حرارة غرفة النوم الباردة قليلاً كانت أحد أهم العوامل التي ساعدت الأشخاص المشاركون في الحصول على نوم جيد ليلاً.
كما وجدت دراسة أخرى تم فيها دراسة بيانات 765000 شخص مشارك في الاستطلاع، إن معظم الناس يعانون من أنماط نوم غير طبيعية خلال أشهر الصيف الحارة، حيث يكون من الصعب إبقاء درجة حرارة غرفة النوم ضمن النطاق المناسب والمريح.(2)
العلاقة بين درجة الحرارة والنوم
يتم تنظيم دورة النوم واليقظة عند الإنسان من خلال إيقاع الساعة البيولوجية، والتي تعتمد في عملها على دورة الليل والنهار (النور والظلام)، ويتحكم فيها جزء من الدماغ يسمى النواة فوق التصالبية، والتي تقع في منطقة ما تحت المهاد.
تستمد ساعة الإنسان البيولوجية إشاراتها من عدد من العوامل، مثل الضوء والظلام (وهي أهمها)، والحركة والتمارين الرياضية، ودرجة الحرارة وغيرها.
وتتغير درجة حرارة جسم الإنسان خلال اليوم وفق إيقاع الساعة البيولوجية.
ففي معظم الأوقات ولا سيما أثناء النهار تكون درجة حرارة الجسم الأساسية حوالي 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت).
ثم تبدأ درجة حرارة الجسم في الانخفاض مع حلول الليل، وتستمر في الانخفاض طوال الليل.
حيث يبدأ الانخفاض في درجة الحرارة قبل حوالي ساعتين من النوم، بالتزامن مع إطلاق هرمون الميلاتونين، وهو الوقت الذي يبدأ فيها الإنسان بالشعور بنوع من النعاس وعدم القدرة على التركيز جيداً.
وعندما يبرد الجسم قليلاً، تقوم الغدة الصنوبرية بإفراز كميات متزايدة من هرمون الميلاتونين، وهذا بدوره يدفع إلى انخفاض درجة حرارة الجسم أكثر.
وتستمر درجة حرارة الجسم الأساسية في الانخفاض أثناء النوم، حيث تصل إلى أدنى نقطة لها من الانخفاض بعد حوالي ساعتين من إطفاء الأنوار والخلود للنوم.
ثم تبدأ بالارتفاع إلى الدرجة المعتادة لها تدريجياً مع حلول الصباح، وهو ما يساعد الإنسان على الاستيقاظ من نومه.
ويعتقد الباحثون أن خفض درجة حرارة الغرفة مع حلول وقت النوم قد يساعد الجسم على الدخول في وضعية النوم بشكل أسرع.
طريقة خفض الجسم لدرجة حرارته أثناء النوم
الطريقة الأساسية التي يقوم فيها الجسم بتبريد نفسه قبل النوم وأثنائه هي إرسال الحرارة إلى الأطراف بعيداً عن القلب.
حيث ترسل الساعة البيولوجية إشارات لزيادة تدفق الدم إلى الأطراف، مما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية في الجسم، وزيادة تدفق الدم إليها.
وهذا هو السبب في أن بعض الناس قد يعانون من دفء اليدين والقدمين في الليل، وهي الحالة الطبيعية، على عكس الأشخاص الذين يعانون من برودة القدم المزمنة، والذين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأرق عند النوم، ربما بسبب اضطراب هذه العملية لديهم.(3)
أفضل درجة حرارة لغرفة نوم الأطفال الرضع والأطفال الصغار
يحتاج الأطفال بشكل عام، والأطفال الرضع بشكل خاص إلى النوم في درجات حرارة أعلى قليلاً بالمقارنة مع البالغين.
ويعتقد الباحثون أن درجة حرارة غرفة النوم الأفضل للأطفال الرضع قد تكون أعلى بدرجة أو درجتين منها عند البالغين، أي قد تكون حوالي 20.5 درجة مئوية (أي 69 درجة فهرنهايت).
ولذلك قد تجد الطبيب ينصحك بأن تكون درجة حرارة غرفة نوم الطفل الرضيع ما بين 18.3-21.1 درجة مئوية (أي ما بين 65 - 70 درجة فهرنهايت).
والسبب الذي يجعلهم يحتاجون إلى النوم في غرف ذات درجات حرارة أعلى قليلاً، هي أنهم يملكون أجساماً أصغر حجماً، ولا يستطيعون تنظيم درجة حرارة أجسامهم بسهولة مثل البالغين، كونهم لا يزالون في مرحلة النمو، مما يجعلهم أكثر حساسية للتغيرات التي تحدث في درجة حرارة البيئة المحيطة بهم.
ولكن درجات الحرارة العالية جداً كذلك قد تكون مضرة
ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال، رفع درجات حرارة غرف الأطفال بشكل كبير، وذلك لأن الدرجات الحرارة العالية جداً كذلك يمكن أن تؤثر عليهم بشكل سلبي.
حيث وجدت الدراسات والأبحاث الطبية أن درجات الحرارة العالية يقمكن أن تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ أثناء النوم.
ولذلك تنصح معظم المؤسسات الطبية العالمية بتأمين درجة الحرارة المناسبة لنوم الأطفال الرضع، دون إفراط أو تفريط، وتجنب استخدام البطانيات الثقيلة وطبقات الملابس العديدة أثناء النوم.
ويمكن للأم مراقبة درجة حرارة طفلها أثناء النوم عن طريق وضع يدها على بطنه، أو على مؤخرة عنقه.
تأثير النوم في درجات الحرارة العالية والمنخفضة على الصحة والنوم
إن النوم في درجات حرارة مرتفعة جداً، أو في درجات حرارة باردة جداً قد يؤثر بشكل سلبي على جودة النوم، ومدته، وكفاءته، وقد يصعّب من نوم الإنسان، واستمراره نائماً دون استيقاظ.
وهذا الاضطراب في النوم يمكن أن يزيد من شعور الإنسان بالخمول والنعاس في النهار، وأن تزيد من مشاعر القلق والتوتر لديه.
كما أنها يمكن أن تؤدي إلى انخفاض قدرة الإنسان على العمل، وتقلل من مستوى إنتاجيته.
وقد لا يقتصر تأثير اضطراب النوم الناتج عن درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة جداً على الأنشطة النهارية فقط، بل قد يتعدى الأمر ذلك إلى زيادة خطر الإصابة بالعديد من الآثار والمشاكل الصحية أيضاً.
حيث وجدت بعض الدراسات أن النوم المضطرب يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسمنة (4)، وإلى زيادة خطر الوفاة بأسباب مختلفة (5).
كما هناك دراسات أخرى أكدت على أن مشاكل النوم قد تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وهذا يعني أن اهتمامك بدرجة حرارة غرفتك لتنال قسطاً كافياً من النوم الجيد ليلاً، سيكون مفيداً أيضاً للحفاظ على صحة الجسم، ولتحسين جهاز المناعة، والوقاية من العديد من الأمراض.
ماذا يحدث عندما تكون درجة حرارة غرفة النوم عالية؟
يمكن أن تتسبب درجات الحرارة الأكثر دفئاً أثناء النوم في الشعور بعدم الراحة والأرق، ويمكن لأي شخص نام سابقاً في غرفة مزدحمة أن يعرف كيف يمكن أن يكون صعباً النوم في مثل هذا الظرف.
كما يمكن أن تؤثر درجة حرارة غرفة النوم الدافئة جداً في قدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته الأساسية بشكل جيد، فيمنع الجسم من تهيئة نفسه للنوم، ويؤثر على كفاءة النوم مما قد يسبب تعباً وإرهاقاً لدى الشخص.(6)
وبالطبع لا يقتصر تأثير النوم في درجات حرارة دافئة جداً على بداية النوم فقط، بل يمكنها أن تؤثر أيضاً على جودة النوم والوقت الذي يستغرقه الإنسان في كل مرحلة من مراحل النوم المختلفة.
حيث ارتبط ارتفاع درجة حرارة الجسم الأساسية بانخفاض الوقت الذي يستغرقه الإنسان في مرحلة موجة النوم البطيئة، والتي تعتبر مرحلة ضرورية لحصول الجسم على الراحة والفوائد العديدة من النوم.
كما يبدو أن درجات الحرارة العالية أثناء النوم قد تقلل من الوقت الذي يقضيه الإنسان في نوم حركة العين السريعة.
ويمكن أن يؤثر الانخفاض في نوم حركة العين السريعة، ونوم الموجة البطيئة سلباً على نشاط الجسم وجهاز المناعة، كما قد يؤثر سلباً على عمليات أخرى مثل التعلم والذاكرة.
وتعتبر درجات الحرارة فوق 21.1 درجة مئوية (أي 70 درجة فهرنهايت) عالية بالنسبة لغرفة النوم.
تأثير الرطوبة على جودة النوم
بالإضافة إلى هذا فإن رطوبة الوسط الذي تنام فيه كذلك قد تؤثر بشكل سلبي على نومك.
حيث يمكن أن تؤدي الرطوبة العالية إلى صعوبة النوم، وزيادة اليقظة، كما وقد تقلل أيضاً من نوم حركة العين السريعة.(1)
ويمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل الخاصة بدورة النوم ومراحله وأطواره من خلال المقال التالي: فيزيولوجيا النوم ومراحله.
ماذا سيحصل عندما ينام الإنسان في غرفة باردة جداً؟
أما بالنسبة لدرجات حرارة غرفة النوم الباردة، فإنها وإن كانت لا تملك تأثيراً مماثلاً على الإنسان ونومه مثل درجة الحرارة العالية، إلا أنها يمكن أن تسبب عدم الراحة والاسترخاء، وقد يكون لها بعض التأثير على نوم حركة العين السريعة وضغط الدم.(7)
كما أن درجات الحرارة الباردة قد تنهك الجسم الذي يسعى لضبط درجة حرارة الجسم بما يتناسب مع البيئة المحيطة، مما يشكل حملاً إضافياً على الجهاز القلبي الوعائي للإنسان.
فالنوم في غرفة باردة جداً كذلك ليس خياراً مناسباً لنوم أفضل وصحة أحسن، وتعتبر درجات الحرارة التي تقل عن 15.6 درجة مئوية (أي 60 درجة فهرنهايت) باردة بالنسبة لغرفة النوم.
نصائح سريعة قد تساعد على تحسين درجة حرارة غرفة النوم
هذه مجموعة سريعة من النصائح والتوصيات التي قد تساعدك على تحسين درجة حرارة غرفة النوم الخاصة بك لتحصل على نوم جيد:
- عدم ترك الستائر مفتوحة باستمرار، لتقليل تجمع الحرارة في الغرفة قدر الإمكان.
- فتح النوافذ من وقت لآخر لتغيير هواء الغرفة.
- ارتداء ملابس مناسبة للطقس وجو الغرفة، حاول أن ترتدي ملابس خفيفة ومريحة للنوم.
- تجنب شرب المشروبات الكافيينية أو الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، لأنها قد تؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم.
ويمكنك قراءة المزيد من النصائح والتوصيات التي تساعدك في الحصول على نوم كافٍ وجيد كل ليلية من خلال قراءة مقال: نصائح وإرشادات لنوم صحي ومريح.
هل تتغير درجة حرارة النوم المثالية مع التقدم في العمر؟
مع تقدم المرء في العمر، يمر الجسم بالعديد من التغييرات أيضاً، ومنها انخفاض درجة حرارة الجسم، وانخفاض مستويات هرمون الميلاتونين المرتبط بالنوم لديه.
لذلك قد يحتاج الإنسان إلى تعديل درجة حرارة نومه اعتماداً على على جسمه نوعاً ما.
الخلاصة
هكذا نكون قد تعرفنا معاً على درجة الحرارة الأمثل للنوم، وعلى تأثير الدرجات المرتفعة والمنخفضة جداً على الإنسان ونومه.
كما علمنا أن الأطفال الرضع يحتاجون بشكل عام إلى النوم في درجات حرارة أعلى قليلاً مقارنةً بالبالغين.
وعليك أن تعلم أن اهتمامك بغرفتك التي تنام فيها قد يكون لها تأثير كبيرة على مدى قدرتك في الحصول على نوم مثالي.
وتذكر أن درجة الحرارة المناسبة لك قد تختلف عن تلك المناسبة لشريكك، وذلك حسب خصائص جسمك ومستوى نشاطك، ولذلك قد يترتب عليكم تجربة عدد خيارات حتى تتمكنوا من الوصول إلى الدرجة المثلى الملاءمة لكليكما.
إننا في اقرأ فكرة نسعى جاهدين لتقديم معلومات موثوقة وميسرة استناداً إلى أهم وأشهر المصادر العلمية والطبية، وللمزيد يمكنكم الاطلاع على سياسة التحرير الخاصة بنا.
- Effects of thermal environment on sleep and circadian rhythm
- Nighttime temperature and human sleep loss in a changing climate
- The thermophysiological cascade leading to sleep initiation in relation to phase of entrainment
- The association between short sleep duration and obesity in young adults: a 13-year prospective study
- Healthy older adults' sleep predicts all-cause mortality at 4 to 19 years of follow-up
- Fatigue and sleep under large summer temperature differences
- Effects of cold exposure on autonomic changes during the last rapid eye movement sleep transition and morning blood pressure surge in humans
- What’s the Best Temperature for Sleep?
-المصادر-
إرسال تعليق