إذا كنت من الأشخاص المصابين بمرض السكري، فإنك قد تتساءل كثيراً: هل مرض السكري مرض وراثي؟ هل يمكن أن أنقل هذا المرض لأبنائي؟ هل يمكن أن أكون قد حصلت على هذا المرض من أحد والدي؟
هذه الأسئلة ربما تراودك أكثر عندما ترى أن مرض السكري يميل إلى الانتشار بين أفراد العائلة الواحدة بشكل كبير.
فما حقيقة الأمر، وما طبيعة العلاقة التي تربط بين مرض السكري والوراثة.

هل السكري مرض وراثي؟
أن مرض السكري هو عبارة عن اضطراب في الجسم يؤدي إلى زيادة مستويات الجلوكوز في الدم، وهو ما يؤثر سلباً على صحة الإنسان، وأعضاء الجسم المختلفة.
يعد مرض السكري من الأمراض المزمنة الأكثر شيوعاً، وقد تحول اليوم إلى وباء يجتاح جميع أنحاء العالم، وله أنواع عديدة، وهو يؤدي إلى حدوث مضاعفات ومشاكل مهددة للحياة.
وفي الحقيقة أن مرض السكري أعقد من أن نعتبره إما مرضاً وراثياً أو مرضاً مكتسباً. فهو يتميز بكونه خليط من الإثنين، كما أنه أعقد من أن يؤدي عامل واحد فقط إلى حدوثه، وإنما ينتج نتيجة تضافر مجموعة من العوامل مع بعضها البعض.
فإن العامل الوراثي يلعب دوراً كبيراً في زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري، ولكنه في الوقت نفسه لا يعتبر كافياً لوحده لحدوث المرض.
حيث أن مرض السكري يحدث نتيجة التفاعل بين العوامل الوراثية، والعوامل الأخرى أيضاً مثل نمط الحياة والعوامل البيئية.
فالشخص المعرض وراثياً للإصابة بمرض السكري ليس بالضرورة أن يُصاب به، وإنما يمكن باتباعه لنمط حياة صحية، وتجنبه للعوامل الأخرى التي تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري أن يحمي نفسه من المرض، أو يؤخر ظهوره على أقل تقدير.
وبالتالي وإن كان مرض السكري هو مرض وراثي نوعاً ما، فإنه يحتاج لحدوثه وظهوره إلى بعض العوامل الأخرى، مما يعني أنه من جانب آخر مرض مكتسب أيضاً.
وطبعاً يُستثنى مما ذكرناه في الأعلى بعض الأنواع النادرة جداً من مرض السكري، والتي لا تشكل سوى جزء قليل جداً من جميع حالات السكري، حيث يمكنها أن تحدث نتيجة تأثير الوراثة فقط.
اختلاف تأثير الوراثة والعوامل الجينية باختلاف نوع مرض السكري
إن تأثير الوراثة والعوامل الجينية على مرض السكري يختلف باختلاف نوعه أيضاً.
ففي حين أن أكثر أنواع مرض السكري شيوعاً، وهما مرض السكري من النوع 1، ومرض السكري من النوع 2، يعتبران أمراضاً وراثية متعددة الجينات.
فإن بعض أنواع مرض السكري النادرة جداً، مثل مرض السكري الشباب الناضجين MODY، تعتبر أمراضاً وراثية وحيدة الجينات.
ومعنى هذا أن الأنواع النادرة جداً من مرض السكري تحدث نتيجة وجود طفرة جينية واحدة لدى الشخص.
بينما في الأنواع الشائعة منه مثل مرض السكري من النوع 1 ومرض السكري من النوع 2، يكون تأثير طفرة جينية واحدة قليلاً جداً.
أي يجب أن تتضافر عدة عشرات أو مئات من الطفرات والعوامل الجينية مع بعضها البعض حتى تزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع 1 أو النوع 2 بشكل ملحوظ لدى الشخص.
مرض السكري من النوع الأول والوراثة
يحدث مرض السكري من النوع 1 عندما تهاجم الأجسام المضادة للجهاز المناعي خلايا البنكرياس المتخصصة بصنع الأنسولين (خلايا بيتا)، وتقوم بتدميرها عن طريق الخطأ.
ولهذا يُعتبر مرض السكري من النوع الأول أحد أمراض المناعة الذاتية.
ويؤدي تدمير خلايا البنكرياس من قبل الأجسام المضادة إلى تقليل قدرة الجسم على إنتاج الكميات الكافية من الأنسولين اللازم للتعامل مع الجلوكوز (السكر) في الدم.
إذ أن الأنسولين هو الهرمون المسؤول عن نقل الجلوكوز (السكر) من الدم إلى الخلايا لتقوم باستخدامها في إنتاج الطاقة اللازمة للجسم.
وفي حال عدم قدرة الجسم على إنتاج الكميات اللازمة من الأنسولين فإن هذا سيؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم، وعدم انتقاله إلى الخلايا، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم، وتسمى هذه الحالة بـ ارتفاع سكر الدم Hyperhlycemia.
وفي معظم الأحيان يظهر مرض السكري من النوع 1 خلال مرحلة الطفولة أو الشباب (بداية البلوغ)، ولكن يمكن أن يظهر أيضاً في أي مرحلة عمرية أخرى.
ويحتاج الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الأول إلى أخذ حقن الأنسولين بشكل يومي لتعويض الأنسولين المفقود من الجسم، والبقاء على قيد الحياة.
هل مرض السكري من النوع الأول هو مرض وراثي؟
كما ذكرنا في الأعلى تلعب الوراثة دوراً هاماً في زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع 1، ولكنها ليست كافية لحدوث المرض.
حيث أن حدوث مرض السكري من النوع 1 يتطلب إلى جانب القابلية الوراثية، التعرض لعوامل بيئية أخرى تساعد على ظهور المرض.
ومن بعض العوامل البيئية التي قد تؤدي إلى ظهور المرض لدى الأشخاص المعرضين وراثياً للإصابة به:
- الطقس البارد: إذ أنه من المرجح أن يظهر مرض السكري من النوع الأول في الشتاء عنه في الصيف. كما أنه أكثر شيوعًا في المناخات الباردة.
- الفيروسات: يعتقد الباحثون أن بعض الفيروسات قد تنشط داء السكري من النوع الأول لدى الأشخاص المعرضين للإصابة به. ومن بين هذه الفيروسات الحصبة والنكاف وكوكساكي ب.
- النظام الغذائي المبكر: إن الرضاعة الطبيعية قد تقلل من مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الأول في وقت لاحق من الحياة. البدء بتناول الأطعمة الصلبة في سن مبكرة من الطفولة كذلك يمكن أن يزيد من المخاطر.
وبالتالي وجود عوامل وراثية مهيئة لا يعني بالضرورة إصابة الشخص بمرض السكري من النوع 1، وإنما يعني زيادة مخاطر إصابة هذا الشخص بمرض السكري من النوع الأول مقارنةً مع أقرانه الذين ليس لديهم عوامل وراثية مهيئة للمرض.
حتى مع التوائم المتطابقة، التي لها نفس الجينات، يمكن أن يصاب أحدهم بمرض السكري من النوع 1، والآخر لا، وهذا يكون طبعاً نتيجة تأثير العوامل الأخرى كما ذكرنا.
وحسب الجمعية الأمريكية لمرض السكري، فإن مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني استناداً إلى العوامل الوراثية تكون كالتالي:
- إذا كنت رجلاً مصابًا بداء السكري من النوع الأول، فإن احتمالية إصابة طفلك بالسكري هي 1 من 17.
- إذا كنت امرأة مصابة بداء السكري من النوع 1، فهناك احتمالان:
- إذ كان طفلك قد وُلد قبل أن تبلغي من العمر 25 عامًا، فإن خطر إصابة طفلك بمرض السكري من النوع الأول هو 1 من كل 25.
- أما إذا كان طفلك قد ولد بعد بلوغك 25 عامًا، فإن خطر إصابة طفلك هو 1 من كل 100، وهي تقريباً شبيه بنسبة خطر إصابة أي شخص آخر بمرض السكري من النوع 1.
وتتضاعف مخاطر إصابة الأطفال بمرض السكري من النوع الأول في بعض الحالات، مثل:
- إذا كان أحد الوالدين قد أصيب بمرض السكري من النوع 1 قبل سن 11، فإن خطر إصابة الطفل يكون 1 من 10.
- إذا كان كلا الوالدين مصابين بالسكري من النوع الأول، فإن خطر إصابة الطفل يكون 1 من 4.
ويستثنى من هذه الأرقام، الحالة التالية:
- إذ كان الوالد مصاباً بمتلازمة المناعية الذاتية متعددة الغدد من النوع 2، فإن خطر إصابة الطفل بالمتلازمة هذه وبمرض السكري من النوع 1 يكون 1 من 2.
يعاني شخص واحد من كل سبعة مصابين بمرض السكري من النوع الأول من حالة تسمى بمتلازمة المناعة الذاتية متعددة الغدد من النوع 2 type 2 polyglandular autoimmune syndrome. بالإضافة إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 1، يعاني هؤلاء الأشخاص أيضًا من مرض الغدة الدرقية، وضعف عمل الغدة الكظرية. ويعاني بعضهم الآخر من اضطرابات أخرى في الجهاز المناعي.
وفي بعض الحالات الأخرى:
- إذا لم يكن الوالدان مصابان بمرض السكري من النوع 1، وكان الأخ أو الأخت مصابان به، فإن نسبة إصابة الشخص بمرض السكري من النوع 1 هي 5%، وهي شبيه باحتمالية الإصابة به إذا ما كان الأب مصاباً به.
- إذا كان التوأم المتماثل مصابًا به، فقد تصل احتمالات الإصابة به عند التوأم الآخر إلى 50٪.
إذ كنت تملك في عائلتك شخصاً مصاباً بمرض السكري من النوع الأول، فلا تقلق، واعلم أنه يمكنك تجنب الإصابة بهذا المرض أو تأخير الإصابة به بشكل كبير باتباعك لنمط حياة صحي، وتجنب التعرض لعوامل الخطر الأخرى لمرض السكري من النوع 1.
واعلم أن معظم المصابين بداء السكري من النوع الأول ليس لديهم أي أقارب مصابين به، ولذلك فإن المرض غالباً ما يبدو أنه يتولد من العدم. حيث تشير التقديرات إلى أن 85٪ من الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بداء السكري من النوع 1 ليس لديهم تاريخ عائلي وراثي للمرض. (1)
مرض السكري من النوع الثاني والوراثة
يحدث مرض السكري من النوع الثاني عندما لا تقوم خلايا جسم الإنسان بالاستجابة للأنسولين بشكل صحيح، وتسمى هذه الحالة بمقاومة الأنسولين.
في المراحل الأولى من مقاومة الأنسولين، ينتج البنكرياس المزيد من الأنسولين لتعويض النقص الذي يعتقده (رغم عدم وجود نقص كمي وإنما النقص يحدث بسبب عدم استخدام الخلايا للأنسولين الموجود أصلا)، وهذه الزيادة قد يكون لها تأثير إيجابي مؤقت على تنظيم مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم.
ولكن مع مرور الوقت، يصل البنكرياس إلى درجة لا يقدر فيها على تعويض وتأمين الكميات اللازمة من الأنسولين للحفاظ على مستوى الجلوكوز (السكر) في الدم عند المستويات الطبيعية، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الجلوكوز وحدوث مرض السكري من النوع 2.
مرض السكري من النوع الثاني، هو الصنف الأكثر انتشاراً من داء السكري، حيث أن ما بين 90-95% من جميع حالات السكري هي من النوع 2.
ويظهر مرض السكري من النوع الثاني غالباً لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 عاماً، وكان يسمى سابقاً بمرض سكري البالغين.
ولكن في يومنا هذا تزايد أعداد المصابين به من الأطفال والشباب أيضاً.
ويكون علاج مرض السكر من النوع الثاني باستخدام أدوية تساعد على زيادة الحساسية للأنسولين، وزيادة إفراز الأنسولين من الخلايا البنكرياسية.
وفي بعض الحالات المتقدمة قد يحتاج علاج داء السكري من النوع الثاني إلى استخدام حقن الأنسولين أيضاً.
هل مرض السكري من النوع الثاني هو مرض وراثي؟
إن العلاقة بين الوراثة ومرض السكري من النوع 2 أقوى وأوضح من العلاقة التي بينها وبين مرض السكري من النوع 1.
وكما ذكرنا في الأعلى فأن مرض السكري من النوع الثاني هو مرض وراثي متعدد الجينات Polygenic، حيث تلعب الآلاف من العوامل الوراثية دوراً في زيادة مخاطر الإصابة به.
وبالتأكيد أن الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لا يقتصر على العوامل الوراثية هذه فقط، وإنما العملية أعقد بكثير، حيث تتفاعل هذه العوامل الوراثية بشكل معقد مع العديد من العوامل الأخرى حتى يحدث المرض.
وهذا يعني أن العوامل الوراثية قد تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ولكنها ليست بالتأكيد السبب الوحيد في حدوث المرض.
ومن العوامل التي قد تساهم في ظهور المرض لدى الأشخاص المعرضين للإصابة به وراثياً:
- العمر
- السمنة
- عدم الحركة
- ارتفاع ضغط الدم
- انخفاض مستويات الكولسترول الجيد في الدم
- ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية
ويمكن منع حدوث المرض أو تأخير حدوثه بإجراء التدخلات اللازمة على مستوى العوامل المتعلقة بنمط الحياة والعوامل البيئية وتحسينها. (2)
وقد أظهرت الدراسات مجموعة كبيرة من الإحصائيات المتعلقة بوراثة مرض السكري من النوع 2، ويُعتقد أن ما يقارب من 20 - 80% من المصابين يرثون المرض. (3)
وبالنسبة لاحتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع 2 استناداً على العوامل الوراثية، فهي كالتالي: (3)
- الأفراد الذين لديهم والد واحد مصاب بداء السكري من النوع 2، يبلغ خطر إصابته بالمرض على مدى الحياة 40%.
- إذا كان كلا الوالدين مصاباً بمرض السكري من النوع الثاني، يبلغ خطر إصابة الشخص بالمرض 70%.
- ويُقدر أن الأشخاص الذين لديهم قريب واحد من الدرجة الأولى مصاب بمرض السكري من النوع 2 يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض بثلاث مرات.
وقد بينت إحدى الدراسات أن 39% من مرضى السكري من النوع 2 لديهم والد واحد على الأقل مصاب بالمرض، وبينت دراسة أخرى أُجريت على أزواج التوائم أحادية الزيجوت احدهم مصاب بمرض السكري من النوع الثاني، إلى أن 90% من التوائم غير المصابين يظهر لديهم المرض في النهاية.
ولكن كما ذكرنا مجرد وجود مخاطر وراثية لديك لا يعني بالضرورة إصابتك بالمرض، ويمكنك
مرض سكري الشباب الناضج MODY والوراثة
يعد مرض سكري الشباب الناضج MODY من الأنواع غير الشائعة لمرض السكري.
ويشبه هذا النوع من مرض السكري من النوع الثاني من حيث إن كلا الحالتين لا يتطلبان العلاج بالأنسولين، على الأقل في المراحل المبكرة من المرض.
إلا أنه في حين أن مرض السكري من النوع الثاني هو مرض وراثي متعدد الجينات، فإن مرض سكري الشباب الناضج MODY هو مرض وراثي أحادي الجين.
أي أنه يحدث نتيجة وجود طفرة في جين واحد موروث كصفة سائدة.
يبدأ هذا النوع من داء السكري عادةً في مرحلة الطفولة أو البلوغ، ويُشخص في معظم الحالات عادةً قبل 25 عاماً.
سكري الحمل والوراثة
سكري الحمل هو اضطراب يتميز بارتفاع غير طبيعي في مستويات السكر في الدم أثناء الحمل. لا تكون هذه النساء مصابات بداء السكري قبل الحمل.
كجزء طبيعي من التغيرات التي تطرأ على جسم المرأة خلال الحمل، تنخفض قدرة النساء على الاستجابة للأنسولين بمقدار معين، وهو ما يُعرف باسم مقاومة الأنسولين.
مع حدوث مقاومة الأنسولين لدى النساء الحوامل، يكون هناك حاجة إلى المزيد من الأنسولين للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية.
نتيجة لذلك ، تنتج الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس (تسمى خلايا بيتا) كميات أكبر من الأنسولين. عادة ما تكون هذه الخلايا قادرة على مواكبة طلب الجسم للأنسولين ، وبالتالي فإن معظم النساء الحوامل لا يصبن بسكري الحمل.
ومع ذلك ، في بعض النساء ، لا تستطيع خلايا بيتا البنكرياس زيادة إنتاج الأنسولين بما يكفي للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي. والنتيجة هي ارتفاع مستويات السكر في الدم وحدوث سكري الحمل.
وهو عادةً يظهر في الأسابيع ما بين 20-24 من الحمل، وهو السبب الذي يدفع إلى إجراء فحص سكري الحمل في هذه الأسابيع.
ولا تظهر معظم النساء المصابات بسكري الحمل أي أعراض خاصة، بمجرد ولادة الطفل ، غالباً تعود نسبة السكر في الدم إلى طبيعتها. ولكن لا يزال من المهم الاستمرار في اتباع نظام غذائي متوازن ، والحفاظ على وزن صحي ، وممارسة الرياضة ؛ يمكن أن تساعد هذه الخطوات في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 لاحقًا.
النساء اللواتي أصبن بمرض سكري الحمل يزداد لديهن خطر تكرار الإصابة بالمرض في حالات الحمل التالية بمقدار 30 إلى 70%.
بالإضافة إلى هذا فإن حوالي نصف النساء المصابات بسكري الحمل يُصبن في غضون بضع سنوات بعد الحمل بمرض السكري من النوع 2.
يعد الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية أثناء الحمل أمراً مهماً جداً لصحة الأم والطفل، وهو يساعد على الوقاية من العدي من الأمراض والمشاكل الصحية.
هل سكري الحمل هو مرض وراثي؟
تلعب مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية والمتعلقة بنمط الحياة في زيادة مخاطر الإصابة بسكري الحمل.
لدى العديد من النساء المصابات بسكري الحمل فرد واحد على الأقل من أفراد الأسرة المقربين، مثل أحد الوالدين أو أحد الأخوة، قصة مرضية مع سكري الحمل أو مصاب بمرض السكري من النوع 2. (4)
تم التعرف على العديد من الجينات لدى الأشخاص المصابين بسكري الحمل، ووجدت الدراسات أن هناك صلة بين جينات سكري الحمل، وجينات داء سكري الشباب الناضج MODY، وهذا قد يعني أن النساء اللواتي أصبن بداء سكري الشباب الناضج MODY قد يكونون عرضة للإصابة بسكري الحمل. (4)
ومثل جميع أشكال السكري الأخرى، لا يعني وجود استعداد وراثي للإصابة بسكري الحمل أنك بالضرورة ستصابين به بالفعل، حيث تلعب العديد من العوامل الأخرى أيضاً دوراً في ظهور المرض، مثل عمر الحمل، والوزن، ومستوى النشاط البدني، والنظام الغذائي، والتدخين. (5)
الخلاصة
هكذا نجد أن العامل الوراثي يلعب دوراً هاماً في زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري بأنواعه المختلفة، فهو مرض وراثي نوعاً ما.
ولكن ولحسن الحظ ليست الوراثة هو العامل الوحيد في حدوث المرض. إذ أنه في معظم الحالات يجب أن تكون هناك عوامل أخرى تؤدي إلى تنشيط المرض وظهوره لدى الأشخاص المعرضين وراثياً له، مما يعني أنه مرض مكتسب من جانب آخر.
وبناءً على هذا يمكن للأشخاص المعرضين وراثياً للإصابة بمرض السكري، تقليل هذه المخاطر ومنع المرض أو تأخير حدوثه بإجراء بعض التحسينات في نمط الحياة، وبتجنب التعرض للعوامل الأخرى قدر الإمكان.
كما يمكن الاستفادة من العامل الوراثي، بإمكانية الكشف المبكر على المرض، وهذا سيساعد بدوره على منع حدوث المضاعفات الخطيرة لدى المصابين.
وهكذا نكون قد انتهينا من الإجابة على سؤال هل السكري مرض وراثي؟ وهل مريض السكري يورث لأولاده المرض؟ بنوع من التفصيل.
إرسال تعليق