إن الكوليسترول مادة ضرورية جداً لصحة الجسم ولعمل جميع الأعضاء بشكل صحيح وسليم، وهو عامل مهم في العديد من العمليات الحيوية التي تجري داخل الجسم.
إلا أن ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم عن الحدود الطبيعية الموصى بها يمكن أن يلحق أضراراً جسيمة بالإنسان، ويسبب له مشاكل خطيرة قد تودي به إلى الوفاة.
وأحد أهم الأمراض التي يمكن أن تتسبب بها مستويات الكوليسترول المرتفعة، هو مرض الشرايين المحيطية Peripheral Arterial Disease (PAD)، والذي يعرف أيضاً باسم مرض الشريان المحيطي أو مرض الأوعية الدموية المحيطية.
وهنا في هذه المقالة من اقرأ فكرة سنجيب على الأسئلة التالية: ما هو مرض الشرايين المحيطية؟ وما هي أعراضها؟ وكيف يمكن للإنسان أن يعرف بأنه مصاب بمرض الشرايين المحيطية؟ كيف يكون العلاج؟ وما هي طرق وسبل الوقاية منها؟

ما هو مرض الشرايين المحيطية؟
إن مرض الشرايين المحيطية PAD هو مرض ينتج عن تضيق الأوعية الدموية المحيطية أو أنسدادها بشكل كامل نتيجة تراكم الكوليسترول والدهون والمواد الأخرى على جدرانها محدثةً ما يسمى بـ تصلب الشرايين.
وتصلب الشرايين وإن كان معروفاً بين الناس بأنه يسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية، إلا أنه سبب أساسي لحدوث مرض الشرايين المحيطية أيضاً.
ومرض الشرايين المحيطية وإن كان يمكن له أن يظهر في جميع أنحاء الجسم، إلا أنه أكثر شيوعاً في شرايين الساقين والقدمين.
ووفقاً لبعض الإحصائيات فإن مرض الشريان المحيطي يؤثر على أكثر من 6.5 مليون شخص فوق سن الـ 40.5 في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وهو مرض يزيد من مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض والحالات الخطيرة مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ما هي أعراض مرض الشريان المحيطي PAD
رغم أن قسم كبير من المصابين بمرض الشرايين المحيطية قد لا تظهر عليهم أي أعراض حتى مراحل متقدمة من المرض، إلا أنه رغم ذلك هناك بعض الأعراض التي قد تشير إلى إصابة الشخص بهذا المرض.
معظم هذه الأعراض والظواهر التي قد تشير إلى إصابة الشخص بمرض الشرايين المحيطية تكون ناتجة بشكل أساسي عن انخفاض أو انعدام تدفق الدم إلى المناطق المصابة بسبب تصلب الشرايين، وبالتالي عدم حصولها على كميات كافية من الأكسجين والمواد الغذائية لأداء عملها.
تظهر أعراض مرض الشريان المحيطي بشكل أساسي في الساقين والقدمين، إلا أنها يمكن أن تظهر أيضاً على الذراعين والحوض والورك والأرداف.
وعادةً ما يبدأ المرض ببطء وبشكل خفيف، ولكنه يزداد سوءاً بمرور الوقت، وتختلف حدة الأعراض وشدتها وطبيعتها بشكل كبير بين المصابين به.
ومن أهم الأعراض التي قد تظهر ما يلي:
ألم الساق أثناء المشي أو أثناء ممارسة الرياضة
من أهم العلامات والأعراض الشائعة لداء الشرايين المحيطية ظهور ألم أو توتر أو ضعف أو خدر في الساق أثناء المشي أو عند ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني أخر، وهو ما يسمى أيضاً بـ العَرَج Caludication.
وغالباً ما يخف الألم أو يتوقف تماماً مع التوقف، وأخذ فترة راحة، ليعاود الظهور مع المشي لمسافة محددة أو البدء بممارسة التمارين الرياضية، ولذلك تسمى هذه الحالة أيضاً باسم العَرَِج المتقطع Intermitten Caludication.
وإن كان هذه الألم يظهر بشكل أساسي في الساق (وبشكل خاص في ربلة الساق)، إلا أنه يمكن أن يظهر أيضاً في مؤخرة الجسم، أو الورك، أو الفخذ، أو القدم، وهو ألم يتراوح بين الخفيف والشديد.
وسبب ظهور الألم أثناء المشي أو أثناء ممارسة الرياضة، هو زيادة حاجة العضلات إلى المزيد من الأكسجين والمواد الغذائية للاستمرار في أداء عملها، ولعدم حصولها على ذلك بسبب تضيق أو انسداد الشرايين المغذية لها نتيجة تراكم لويحات الكوليسترول والدهون وحدوث تصلب للشرايين فيها، تظهر هذه الآلام كإنذار للشخص ليتوقف عن المشي أو ممارسة النشاط البدني، والحصول على قسط من الراحة.
لذلك فإن الحالة النموذجية الشائعة لشخص مصاب بمرض الشرايين المحيطية هو المشي لمسافة محددة، ثم ظهور الألم مما يدفعه للتوقف وأخذ راحة، ثم معاودة المشي لنفس المسافة المحددة وظهور الألم مرة أخرى وهكذا.
ألم عضلي مستمر عند الراحة أيضاً
في الحالات الشديدة والمتقدمة من اعتلال الشرايين المحيطية، يصبح الألم مستمراً في عضلات الساق حتى أثناء التوقف وخلال فترات الراحة.
ويمكن أن يلاحظ بعض المصابين أن الألم يزداد مع الشعور ببرودة أو تنمل في الأقدام والأصابع عند النوم أو عند رفع الأرجل.
والسبب في ذلك هو أن ارتفاع الساقين وجعلها بمستوى القلب يمنع تأثير الجاذبية الذي كان يساعد على سحب المزيد من الدم إلى الأطراف السفلية مما كان يخفف من أعراض الألم.
ولذلك سيلاحظ هؤلاء المصابين بنوع من الراحة وقلة الألم عند خفضهم للقدم والساقين إلى ما دون مستوى القلب، أو تدليها من السرير.
تغير في جلد وشعر الساق
لا يكتفي مرض الشريان المحيطي بإحداث الألم والتنمل والتخدير فقط، وإنما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى حصول تغييرات في جلد الساق أيضاً، إذ أنها يمكن أن تصبح ناعمة ولامعة.
كما يمكن أن تؤدي إلى فقدان شعر الساق، أو أن يجعل من نمو الشعر في تلك المنطقة بطيئاً للغاية.
بالإضافة إلى هذا يمكن أن يحدث مرض الشرايين المحيطية تغيراً في لون الجلد أيضاً، إذ أن لون جلد المنطقة المصابة يمكن أن يصبح داكناً أكثر من المعتاد وهو ما يسمى بفرط التصبغ Hyperpigmented.
وفي بعض الأحيان قد يبدو الجلد مزرقاً أيضاً وهو ما يسمى بالزُّراق Cyanosis، والذي يحدث بسبب نقص أكسجة المنطقة.
وفي دراسة أجريت على أكثر من 540 شخص بالغ معرض لخطر الإصابة باعتلال الشرايين المحيطية بسبب إصابتهم بارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري، تم تشخيص ثلث الأشخاص (182 شخصاً بالغاً) بالمرض، وكان مما لاحظه الباحثون أن تغيرات الجلد كانت العرض الأكثر شيوعاً بين الحالات المتوسطة والشديدة.
برودة القدمين
من الأعراض الشائعة الأخرى لداء اعتلال الشرايين المحيطية، الشعور ببرودة في القدمين سواءً عند لمسها أو بدون لمسها، والسبب في ذلك هو أن تدفق الدم هو الذي يحافظ على المناطق الطرفية مثل الساقين والذراعين دافئة، وبالتالي فإنه عندما يتسبب انسداد الشرايين أو تضيقها بتقليل أو منع تدفق الدم إلى تلك المناطق يصعب على الجسم المحافظة على حرارة تلك المناطق ثابتة، مما يؤدي لبرودتها.
تغيرات في الأظافر
يمكن أن يؤدي الضعف المستمر في تدفق الدم إلى الأطراف السفلية بسبب الشرايين المتضيقة أو المسدودة بشكل كامل إلى حدوث تغييرات في الأظافر أيضاً مع مرور الوقت، فيمكن أن يتم ملاحظة نمو الأظافر بشكل أبطأ، أو ملاحظة أنها أصبحت سميكة أو مشوهة أو متغيرة اللون.
الهزال العضلي
بالإضافة إلى كل ما ذكر فإن انخفاض كتلة العضلات في الساقين أو ضمورها أيضاً يمكن أن يكون نتيجة من نتائج اعتلال الشرايين المحيطية.
حيث يظهر بعض الأشخاص المصابين باعتلال الشرايين المحيطية انخفاضاً في كتلة عضلة ربلة الساق أو عضلات الساق الأخرى.
ويمكن إظهار انخفاض الكتلة العضلية وضمورها عن طريق أخذ خزعة من العضلة المصابة، حيث يتم إظهار وجود هزال داخل ألياف العضلات على المستوى المجهري.
والسبب في هذا يكمن في أن انخفاض تدفق الدم إلى العضلات يمكن أن يقلل أيضاً من توصيل الأكسجين والطاقة إليها، مما يؤدي إلى ضمورها وتغيرها مع مرور الوقت، وهذا بدوره يمكن أن يمنع الأشخاص المصابين من الحركة كما يريدون.
تقرحات في الساق
يمكن أن يؤدي نقص تدفق الدم عبر الشرايين إلى الساقين والقدمين لزيادة مخاطر الإصابة بالقروح، حيث يمكن أن يؤدي ضعف تدفق الدم إلى تلف الخلايا والأنسجة والأعصاب مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى ظهور جروح وتقرحات في المنطقة المصابة.
ويزداد الأمر سوءاً عندما تحدث إصابات صغيرة أو جروح بسيطة، حيث أن ضعف تدفق الدم يبطئ من عملية شفاء هذه الجروح ويصعّب التئامها، مما قد يؤدي أيضاً إلى توسعها وتحولها إلى تقرحات مع الوقت إذا لم تكن هناك عناية مناسبة بالمنطقة المصابة.
موت الأنسجة
إذا لم يتم علاج المرض بشكل مناسب، فإن مرض الشرايين المحيطية يمكن أن يتطور مع الوقت إلى موت الأنسجة (الغرغريبنا) في الساق بسبب تضيق الشرايين أو انسدادها.
حيث أنه مع الوقت يعاني الشخص المصاب من آلام مستمرة حتى في وقت الراحة، وكذلك من جروح وتقرحات لا تلتئم، وتُعرف هذه المرحلة من المرض باسم إقفار الأطراف الحرج Critical Limb Ischemia.
ويزداد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى هؤلاء الأشخاص المصابين بإقفار الأطراف الحرج، ففي العادة يكون حوالي 30% إلى 50% من الأشخاص المصابين باعتلال الشرايين المحيطية معرضين لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية في غضون خمسة سنوات، ولكن يرتفع هذا عند المصابين بإقفار الأطراف الحرج ليصبح في غضون عام.
قد يتطلب إقفار الأطراف الحرجة التدخل الجراحي لتحسين الحالة، ولكن بعد موت الخلايا يصبح التحسن والعلاج مستبعداً، وهو ما قد يعرض الأطراف لخطر البتر في النهاية.
ووفق بعض الإحصائيات فإن أقل من 5% من الأشخاص الذين يعانون من آلام في العضلات بسبب اعتلال الشرايين المحيطية قد يكونون معرضون لخطر بتر أحد الأطراف الرئيسية بعد خمس سنوات، في حين إن حوالي 30% إلى 50% من الأشخاص الذين يعانون من إقفار الأطراف الحرج والذين لم يتحسنّو في السنة الأولى قد يكونون عرضة لمثل هذا النوع من البتر.
هل تعلم أن ضعف الانتصاب كذلك (الضعف الجنسي عند الرجال، مشاكل في تحقيق الإنتصاب وإدامته) قد يكون من الأعراض المتعلقة باعتلال الشرايين المحيطية. -رسالة معلومات-
متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا كنت تعاني من ألم في الساق عند المشي أو بعد ممارسة التمارين الرياضية، أو كنت تعاني من أي أعراض أخرى لاعتلال الشرايين المحيطية من التي تم ذكرها في الأعلى فننصحك باستشارة الطبيب فوراً لإجراء الفحوصات اللازمة.
ولأن بعض حالات اعتلال الشرايين المحيطية قد لا تظهر عليها أي أعراض كما ذكرنا في الأعلى، فننصحك بإجراء الفحوصات الروتينية بشكل مستمر، ولمعرفة ماهية هذه الفحوصات وطبيعتها ننصحكم باستشارة الطبيب الخاص بكم.
وننصحكم أيضاً باستشارة الطبيب المختص إذا كنتم ممن لديهم خطر متزايد للإصابة بمرض الشريان المحيطي.
عوامل خطر للإصابة بمرض الشرايين المحيطية
هناك العديد من العوامل التي قد تزيد من مخاطر الإصابة بمرض الشرايين المحيطية، ومنها:
ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم
وارتفاع ضغط الدم
مرض السكري
التدخين
السمنة (ارتفاع مؤشر كتلة الجسم عن 30)
التقدم في العمر
قد ترغب أيضاً بقراءة مقال: ما يجب عليك أن تعرفه عن التدخين التراكمي (التدخين الثالثي)-رسالة معلومات-
الوقاية من مرض الشرايين المحيطية
سواءً كنت من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض الشرايين المحيطية، أو كنت ممن يرغبون في الوقاية منه، يمكنك اتباع الإرشادات والنصائح التالية لتقليل خطر الإصابة بالمرض قدر الإمكان.
وعليك أن تعرف إن علاج مرض الشريان المحيطي أيضاً يركز بشكل أساسي على تخفيف شدة الأعراض، ومنع تفاقم المرض وتطوره.
والأمر الجيد والجدير بالذكر هو أن معظم الحالات المصابة تكون قادرة على تخفيف حدة أعراضها أو حتى عكسها تماماً من خلال إجراء التغييرات في نمط الحياة وممارسة التمارين الرياضية وتلقي العلاج المناسب.
أما بالنسبة للتوصيات والنصائح التي يمكن أن تساعد على الوقاية من المرض وعلاجها، فهي كالتالي:
- زيادة النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية بانتظام بعد استشارة الطبيب وتحت إشراف خبير مختص وخاصة في مراكز إعادة التأهيل المعتمدة.
- الحفاظ على وزنك ضمن النطاق الصحي المسموح به.
- الامتناع عن استهلاك الكحول المحرمة.
- الإقلاع عن التدخين بشكل نهائي، فهو من عوامل الخطر الرئيسية لمرض الشريان المحيطي، وهو يزيد من خطر الإصابة بالمرض بنسبة 400%، كما أنه يتسبب في ظهور أعراض مرض الشرايين المحيطية قبل 10 سنوات تقريباً من موعدها المعتاد.
بناءً على بعض الإحصائيات والدراسات فإنه بالمقارنة مع الأشخاص غير المدخنين من نفس العمر، فإن الأشخاص المدخنين ممن يكونون مصابين بمرض الشرايين المحيطية يكونون أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، وكذلك يكون أكثر عرضة لعدم الاستفادة من العمليات الجراحية، وأكثر عرضة لبتر أحد أطرافهم. -رسالة معلومات-
- خفض مستويات الكولسترول في الدم، وذلك بالتركيز على تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية، والتي لا تحتوي أو تحتوي على كميات قليلة جداً من الدهون المشبعة أو الملح أو السكريات المضافة.
قد ترغب أيضاً بقراءة مقال: كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة HDL (الكوليسترول الجيد): ما له وما عليه -رسالة معلومات-
- المحافظة على مستويات الغلوكوز في الدم، والسيطرة على مرض السكري، حيث أن مرض السكري أيضاً يزيد من خطر التعرض للنتائج السلبية بين الأشخاص المصابين بمرض الشرايين المحيطية.
هكذا نكون قد تعرضنا لبعض المعلومات والتفاصيل المتعلقة بمرض الشرايين المحيطية (مرض الشريان المحيطي PAD)، وفي النهاية تأكد بأنه من خلال التشخيص المبكر، وتغيير نمط الحياة، والإصرار على اتباع عادات صحية في كافة الجوانب ستكون قادراً على الوقاية من المرض، أو منعه من التفاقم.
إرسال تعليق